أنس اللفظ بالمعنى ، بحيث يصير وجها له ، ومجرد الاكملية لا يوجبه ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
(١) حاصل هذا المبحث ان الصيغة كما ذكر سابقا تدل على الوجوب للتبادر ، فهي ظاهرة في الوجوب ظهورا وضعيا بنحو شرط الوضع كما تقدم بيانه.
اما اذا لم نقل بالتبادر فهل هناك شيء آخر يوجب ظهور الصيغة في الوجوب ام لا؟
وقد ذكر له وجوه ثلاثة كلها مخدوشة ، وحاصل هذه الوجوه : هي دعوى انصراف الصيغة الى الطلب الوجوبي ، ولكن السبب الموجب مختلف.
فالوجه الاول : للانصراف وظهور الصيغة في خصوص الوجوب هو دعوى غلبة الاستعمال ، وان استعمال الصيغة في الطلب الالزامي اكثر من استعمال الصيغة في الطلب الندبي.
وهذا الوجه يمكن المناقشة فيه اولا من جهة الصغرى مع تسليم الكبرى ، وهو ان غلبة الاستعمال توجب استيناس الذهن لكثرة حصوله في الذهن بسبب كثرة الاستعمال فيه ، واستيناس الذهن بالمعنى يوجب حضوره وانصراف الذهن اليه عند سماع اللفظ الذي كثر استعماله في ذلك المعنى ، الّا ان الصغرى ممنوعة لأن استعمال الصيغة في الوجوب ليس باكثر من استعمالها في الندب ، اذا لم يدّع مدّع ان الاستعمال في الندب اكثر.
ويمكن ايضا منع الكبرى بدعوى ان مطلق اكثرية الاستعمال لا توجب الانصراف ، بل لا بد من بلوغها الى مقدار بحيث يستأنس الذهن به ، ولم يعلم بلوغها الى هذا المقدار الموجب للاستيناس الذي يلزمه انصراف الذهن الى المعنى بمجرد سماع اللفظ.
الوجه الثاني : هو كثرة وجود الواجبات بالنسبة الى الافراد الندبية فكثرة الوجود توجب ظهور اللفظ في الاكثر وجودا.