.................................................................................................
______________________________________________________
وذهب بعض العامة : الى ظهوره في الوجوب وانه لا فرق في استفادة الوجوب من الصيغة بين كونها غير واردة عقيب الحظر أو واردة عقيبه لأن الصيغة لها معنى حقيقي تحمل عليه الّا اذا قامت القرينة على خلافه وليس قرينة خاصة على خلافه ، بل ليس هناك الّا وروده بعد الحظر ، ووروده عقيب الحظر دليل على انتهاء امد المنع والحظر بورود هذا الامر ، اما انه له دلالة على ان الصيغة مستعملة بغير داعي الوجوب وفي غير معناها الحقيقي فليس كذلك ، ولا اقل من الشك في كون المراد منها المعنى الحقيقي او المعاني المجازية الأخر ، وكلما دار الامر بين المعنى الحقيقي والمجازي فاصالة الحقيقة تعين الحمل على المعنى الحقيقي.
ويرد عليه : ان اصالة الحقيقة من الاصول العقلائية التي عمل بها العقلاء في مقام الشك في وجود القرينة في الكلام ، ولم يظهر منهم العمل بها في الكلام المحتف بمحتمل القرينة ، وورود الامر عقيب الحظر مما يحتمل كونه قرينة ، فلا مجال للعمل باصالة الحقيقة فلا ظهور للصيغة في الوجوب في المقام.
وذهب جماعة : الى ان الامر في عقيب الحظر يدل على كون المراد بهذه الصيغة ـ فعلا ـ مثل المراد بها قبل ورود هذا الحظر ، فهي تابعة لما قبل النهي ، فان كان وجوبا فوجوب ، وان كان ندبا فندب ، وان كان اباحة فإباحة ، واشترطوا شيئا في هذه التبعية وهي ان هذه التبعية انما تكون في مقام يكون الامر الوارد عقيب الحظر معلقا على زوال العلة التي دعت الى الحظر والنهي مثل قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١) فانه بعد ان أمر بقتل المشركين مطلقا ، ثم خصصه بالنهي عن قتل المشركين في الاشهر الحرم ، ثم علق الامر بقتل المشركين على زوال العلة التي دعت الى تحريم قتل المشركين بقوله : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) فان العلة التي دعت الى تحريم قتل المشركين هي
__________________
(١) التوبة : الآية ٥.