والتحقيق : إنه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال ، فإنه قل مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب ، أو الاباحة ، أو التبعية ، ومع فرض التجريد عنها ، لم يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه.
غاية الامر يكون موجبا لاجمالها ، غير ظاهرة في واحد منها إلا بقرينة أخرى ، كما أشرنا (١).
______________________________________________________
حرمة الاشهر الحرم ، فاذا انسلخ الاشهر الحرم فلا مانع فاقتلوا المشركين ، فقتل المشركين واجب بعد الاشهر الحرم كما هو واجب قبل الاشهر الحرم ، ومثله في الدلالة على التبعية ما ورد من امر الحائض والنفساء بالصلاة والصوم بعد الحيض والنفاس فانه يجب عليهما الصوم والصلاة بعد الحيض والنفاس كما كان يجب عليهما قبل الحيض والنفاس ، لأن علة النهي عن الصوم والصلاة هو الحيض والنفاس ، وامرها بعد الحيض والنفاس قد علق على ذهاب علة التحريم وهو الحيض والنفاس.
ويرد على ذلك : ان وجوب الصلاة والصوم ، وقتل المشركين بعد الاشهر الحرم لم يستفد من هذا الامر الوارد قبل الحظر ، بل من دليل آخر.
(١) وحاصله ان الاقوال التي تقدم ذكرها تشبث المدعون لها بموارد الاستعمال ، فمدعي الدلالة على الاباحة ذكر امثلة كان الحكم فيها هو الاباحة ، والمدعي للوجوب ذكر مثل ذلك ، والمدعي للتبعية ذكر مثلهم ، والموارد التي ذكروها كلها غير خالية عن قرائن خاصة تدل على الحكم الذي يدعونه.
والكلام انما هو في مورد يكون مجردا عن كل قرينة ، وليس فيه الّا امر ورد اما عقيب الحظر او عقيب توهمه. فينبغي ان يثبتوا كون ورود الامر عقيب الحظر أو في مقام توهمه دالا على مدعاهم.