والتحقيق : إن قضية الاطلاق إنما هو جواز الاتيان بها مرة في ضمن فرد أو أفراد ، فيكون إيجادها في ضمنها نحوا من الامتثال ، كإيجادها في ضمن الواحد ، لا جواز الاتيان بها مرة ومرات ، فإنه مع الاتيان بها مرة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط به الامر ، فيما إذا كان امتثال الامر علة تامة لحصول الغرض الاقصى ، بحيث يحصل بمجرده ، فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر ، أو بداعي أن يكون الاتيانان امتثالا واحدا ، لما عرفت من حصول الموافقة بإتيانها ، وسقوط الغرض معها ، وسقوط الامر بسقوطه ، فلا يبقى مجال لامتثاله أصلا ، وأما إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض ، كما إذا أمر بالماء ليشرب أو
______________________________________________________
ان لا يقتصر على اتيان الطبيعة مرة واحدة ويأتي بها مرات على ان تكون المرات ايضا يكون بها الامتثال.
وغاية ما يمكن ان يقرب به جواز التكرار على ان يكون مصداقا للامتثال ـ ايضا ـ ان يقال : ان متعلق الامر هو الطبيعة التي لا قيد المرة داخل فيها ولا التكرار داخل فيها ، ومن الواضح ان الطبيعة تصدق مع المرة وتصدق مع التكرار ، وكل قيد احتمل دخوله ونفاه الاطلاق لازمه انه لا يمنع عن الامتثال وجوده وعدمه ، فاذا كانت المرة خارجا عن المطلوب ببركة الاطلاق فالمطلوب هو الطبيعة سواء كانت مع المرة أو لم تكن مع المرة ، بل كانت مع غير المرة وهو التكرار ، كما لو شككنا في دخول قيد المؤمنة في ما لو امر المولى بعتق رقبة ، فان لازم الاطلاق عدم دخول قيد المؤمنة في المطلوب ، فيصدق العتق مع الايمان ومع عدم الايمان وهو الرقبة الكافرة ، وهذا مراده من قوله : «فان لازم اطلاق الطبيعة المأمور بها هو الاتيان بها مرة أو مرارا ، لا لزوم الاقتصار على المرة» اذ لا وجه للزوم الاقتصار على المرة بعد ان كان عنوان المرة خارجا عما هو المطلوب وقد نفاه الاطلاق ، فالطبيعة المطلوبة تصدق معه وتصدق مع غيره وهو التكرار.