على الأديان كلّها مادام فيكم من قد رآني» (١).
ولم يكن صحابته أمنة إلّا لأنّهم حملة علمه إلى الناس ومستودع شريعته إلى الملأ من العالمين.
ولعلّ مقصوده صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «مادام فيكم من قد رآني» من قد رآه في منبع علمه ومصدر شريعته ، ممّن قد روى حديثه فأبلغ وأوعى على مدى الدهر.
[م / ٩١] كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يحمل هذا الدين في كلّ قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين» (٢).
هذا الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يصف أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّهم أصحابه كملا ، وأنهم خزنة علم النبيّ وعيبة حكمته والحاملين لوائه إلى الملأ من الناس :
[م / ٩٢] روى المتّقي الهندي عن زاذان قال : «بينا الناس ذات يوم عند عليّ عليهالسلام إذ وافقوا منه نفسا طيّبة ، فقالوا : حدّثنا عن أصحابك يا أمير المؤمنين ؛ قال : عن أيّ أصحابي؟ قالوا : عن أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ قال : كلّ أصحاب النبيّ أصحابي ، فأيّهم تريدون؟ قالوا : النفر الذين رأيناك تلفظهم بذكرك والصلاة عليهم ؛ دون القوم ، قال : أيّهم؟
قالوا : عبد الله بن مسعود؟ قال : علم السّنّة وقرأ القرآن ، وكفى به علما ، ثمّ ختم به عنده (٣).
قالوا : فحذيفة؟ قال : علم وسأل عن المعضلات حتّى عقل عنها ، فإن سألتموه عنها تجدوه بها عالما.
قالوا : فأبوذر؟ قال : وعى علما وكان شحيحا حريصا على دينه ، حريصا على العلم. وكان يكثر السؤال فيعطى ويمنع ، أما إنّه قد ملئ له في وعائه حتّى امتلأ.
قالوا : فسلمان؟ قال : امرؤ منّا وإلينا أهل البيت. من لكم بمثل لقمان الحكيم! علم العلم الأوّل وأدرك العلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأوّل وقرأ الكتاب الآخر ، وكان بحرا لا ينزف.
قالوا : فعمّار بن ياسر؟ قال : ذاك امرؤ خلط الله الإيمان بلحمه ودمه وعظمه وشعره وبشره ،
__________________
(١) نوادر الراوندي : ١٤٦ / ١٩٩ ؛ البحار ٢٢ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ / ١١ ؛ الطرائف لابن طاووس : ٤٢٨ ؛ صحيح مسلم ٧ : ١٨٣ ، فضائل الصحابة ، باب أن النبيّ أمان لأصحابه وأصحابه أمان للأمّة.
(٢) رواه الكشّي في رجاله بإسناد صحيح (١ : ١٠ ـ ١١) ؛ البحار ٢ : ٩٢ ـ ٩٣ / ٢٢. وفي الصواعق لابن حجر : ١٤١ : في كلّ خلف من امّتي عدول من أهل بيتي ... ؛ الاختصاص للشيخ المفيد ، المصنّفات ١٢ : ٤.
(٣) وهو الذي قيل بشأنه : كنيف ملئ علما.