والخلاصة : إنّما كانت قيمة تفسير الصحابي لمكان قربه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وموضع عنايته البالغة بشأن تعليمه وتربيته ، وكونه أقرب عهدا بمواقع نزول القرآن ، وأعرف بأهدافه ومقاصده ومراميه ، كما قال السيّد ابن طاووس : هم أقرب علما بنزول القرآن (١).
ومن ثمّ فنستغرب موضع سيّدنا العلّامة الطباطبائي رحمهالله المتردّد في اعتبار قول الصحابي وكذا التابعي في مجال التفسير ، نظرا لعدم دليل خاصّ على الاعتبار!! (٢)
أو لا يكفي قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٣) دليلا على حجّية قولهم في الإنذار والتبيين فيما تفقّهوا؟!
أو لم يكن الإنذار هو البيان والإعلام بمباني الشريعة ومعالم الدين؟ وإذا لم يكن الإنذار حجّة بالغة ، فما وجه الحذر بعد البيان؟
أو لم يكن ربّا هم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليصدروا عنه وليربّوا الناس كما ربّاهم؟ وليصبحوا مراجع للناس يفيدونهم ويستفيدون منهم. (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(٤).
أو ليس قد جعلهم أمنة للأمّة من بعده كما هو أمنة لأصحابه في حياته؟
[م / ٩٠] روى فضل الله الراوندي بإسناده إلى الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا أمنة لأصحابي ... وأصحابي أمنة لأمّتي ... ولا يزال هذا الدين ظاهرا
__________________
عليّ عليهالسلام : «علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف باب من العلم واستنبطت من كلّ باب ألف باب». قال : فإذا كان حال الوليّ هكذا فكيف حال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم! (التفسير الكبير ٨ : ٢١ ذيل الآية ٣٣ من سورة آل عمران).
ورواه المتّقي الهندي في كنزل العمّال ١٣ : ١١٤ ـ ١١٥ / ٣٦٣٧٢ و ١٦٥ / ٣٦٥٠٠. قال : أخرجه الفرضي والإسماعيلي. وفي السند الأجلح وهو صدوق شيعي جلد. وذكره ابن حجر في فتح الباري وقال : أخرجه الطبراني. راجع : فضائل الخمسة للفيروز آبادي ٢ : ٢٣٢.
(١) سعد السعود : ١٧٤.
(٢) قال ذيل الآية ٤٤ من سورة النحل : وفي الآية دلالة على حجّية قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيان الآيات القرآنيّة. ويلحق به بيان أهل بيته عليهمالسلام لحديث الثّقلين. وأمّا سائر الأمّة من الصحابة أو التابعين أو العلماء فلا حجّية لبيانهم ، لعدم شمول الآية وعدم نصّ معتمد عليه يعطي حجّية بيانهم على الإطلاق. (الميزان ١٢ : ٢٧٨).
وهكذا ذكر في رسالة «قرآن در اسلام : ٤٩» : إنّما اعتبر قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في التفسير بنصّ الآية الكريمة (٤٤ من سورة النحل). وكذا قول العترة بنصّ حديث الثقلين. أما أقوال الصحابة والتابعين فلا اعتبار بها كما هو الحال في آراء سائر المسلمين. وهو غريب جدّا.
(٣) التوبة ٩ : ١٢٢.
(٤) البقرة ٢ : ١٤٣.