رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا هو الطراز الأوّل ، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع ، فإنّه كثير.
الثاني : الأخذ بقول الصحابي ، فإنّ تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما قاله الحاكم في تفسيره. وذكر حديث مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود في كيفيّة تعلّم الأصحاب لتفسير القرآن لديه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال : وصدر المفسّرين من الصحابة عليّ ثمّ ابن عبّاس ـ وهو تجرّد لهذا الشأن ـ والمحفوظ عنه أكثر من المحفوظ عن عليّ ، إلّا أنّ ابن عبّاس كان أخذ عن عليّ عليهالسلام ويتلوه عبد الله. وكلّ ما ورد عن غيرهم من الصحابة فحسن مقدّم (١).
هذا ولكنّ الذي جرى عليه مذهب علمائنا الأعلام : أنّ التفسير المأثور من الصحابي ـ مهما كان على جلالة قدر واعتلاء منزلة ـ فإنّه موقوف عليه ، لا يصحّ إسناده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لم يسنده هو بالذات. وهذا منهم مطلق سواء أكان للرأي مدخل فيه أم لا ، لأنّه إنّما نطق عن علمه ، حتّى ولو كان مصدره التعليم من النبيّ ، ما لم يصرّح به ؛ إذ من الجائز أنّه استنبطه من مواضع تعاليم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم واستخرجه من مبان وأصول تلقّاها من حضرته ، من غير أن يكون من تنصيصه صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك الفرع بالخصوص. فهو اجتهاد من الصحابي الجليل ومرتبط مع مبلغ فطنته وعمق نظره في فهم مباني الإسلام والقرآن ، على ما علّمه النبيّ وفّقهه في الدين. والمجتهد قد يخطأ وليس الصواب حليفه دائما ما لم يكن معصوما.
ومن ثمّ فإنّ الذي يصدر عن أئمّة الهدى المعصومين عليهمالسلام نسنده إليهم وإن كنّا على يقين أنّه تعلّم من ذي علم متين وعن منبع ركين. هذا الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام كلّ ما يؤثر عنه في التفسير وفي سائر مجالات الدين ، موقوف عليه ومنسوب إليه ما لم يصرّح بأنّه بالذات قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع علمنا بأنّه مستقى منه بلا ريب. وكذا ما يقوله ابن عبّاس في التفسير ، منسوب إليه ، مع تصريحه بأنّ ما أخذ في التفسير فهو عن عليّ عليهالسلام. غير أنّ المراد : أنّه مأخوذ من أصول ومباني تعلّمها منه. كما أنّ عليّا عليهالسلام إنّما نسب علمه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمكان تربيته على يده ، وأنّه علّمه ألف باب من العلم ، يفتح له من كلّ باب ألف باب (٢) ، أى علّمه أصولا يتفرّع عليها فروع متصاعدة لا نهاية لها.
__________________
(١) البرهان ٢ : ١٥٦ ـ ١٥٧. وقد طوينا عن ذكر الأمرين الثالث والرابع فليراجع هناك.
(٢) حديث متواتر مشهور ، وقد أرسله الحذّاق إرسال المسلّمات. قال الإمام الرازي ـ مستدلّا على قوّة ذكاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : قال