وقد اتّفق بزيع ومخلد على رواية هذا الحديث عن عليّ بن زيد (١) ، وقد قال أحمد ويحيى : عليّ بن زيد ليس بشيء.
قال : وبعد هذا فنفس الحديث يدلّ على أنّه مصنوع ، فإنّه عدّد السور واحدة واحدة ، وذكر لكل واحدة منها ما يناسبها من الثواب ، ولكن بكلام ركيك في نهاية البرودة ، لا يناسب كلام رسول الإسلام ، النبيّ العربيّ الصميم (٢).
قلت : لا شكّ إنّه من وضع من يحاول الشين بالإسلام ، وقد صحّ قول ابن المبارك ـ بشأن
__________________
(١) هو : عليّ بن زيد بن عبد الله بن زهير أبي مليكة بن جدعان ، أبو الحسن القرشي التيمي البصري ، أحد علماء التابعين. روى عن أنس وأبي عثمان النهدي وسعيد بن المسيّب. وعنه شعبة وعبد الوارث وخلق. اختلفوا فيه. قال شعبة : حدّثنا عليّ بن جدعان قبل أن يختلط. وكان ابن عيينة يضعّفه. وقال حمّاد بن زيد : كان يقلب الأسانيد. وكان يحيى القطّان يتّقي الحديث عن عليّ بن جدعان. وقال ابن زريع : كان عليّ بن زيد رافضيّا. وقال أحمد : ضعيف. وقال يحيى : ليس بشيء. وقال العجلي : كان يتشيّع ، وليس بالقويّ. وقال البخاري وأبو حاتم : لا يحتجّ به. وقال الفسوي : اختلط في كبره. وقال ابن خزيمة : لا أحتجّ به لسوء حفظه. وقال الدارقطني : عندي فيه لين. (ميزان الاعتدال ٣ : ١٢٩ / ٥٨٤٤).
(٢) إذ أيّ مفهوم لقوله ـ في ثواب قراءة المائدة ـ : رفع له عشر درجات بعدد كلّ يهوديّ ونصرانيّ تنفّس في الدنيا؟! وقوله ـ في ثواب سورة يونس ـ : بعدد من كذّب بيونس وبعدد من غرق مع فرعون؟! وهكذا سائر التعابير التي تبدو عليها ركّة وشناعة.
وفيه أيضا : من قرأ سورة الرعد أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كلّ سحاب مضى وكل سحاب يكون (الثعلبي ٥ : ٢٦٧ ومجمع البيان ٦ : ٥).
ومن قرأ سورة إبراهيم والحجر أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام وبعدد من لم يعبدها. (الثعلبي ٥ : ٣٠٤ ؛ مجمع البيان ٦ : ٥٥).
ومن قرأ سورة مريم أعطي من الأجر بعدد من صدّق بزكريّا وكذّب به ، ويحيى ومريم وعيسى وموسى وهارون وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل عشر حسنات ، وبعدد من دعى لله ولدا وبعدد من لم يدع له ولدا. (الثعلبي ٦ : ٢٠٥ ؛ مجمع البيان ٦ : ٣٩٧).
ومن قرأ سورة الفرقان بعث يوم القيامة وهو يؤمن [حينذاك!] وأنّ السّاعة آتية لّا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور؟! (الثعلبي ٧ : ١٢٢ ؛ مجمع البيان ٧ : ٢٧٨).
ومن قرأ سورة الصافّات أعطي من الأجر بعدد كلّ جنيّ وشيطان. (الثعلبي ٨ : ١٣٨ ؛ مجمع البيان ٨ : ٢٩٣).
ومن قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح!؟ (الثعلبي ١٠ : ٤٣ ؛ مجمع البيان ١٠ : ١٣٠).
ومن قرأ سورة المرسلات كتب أنّه ليس من المشركين! (الثعلبي ١٠ : ١٠٨ ؛ مجمع البيان ١٠ : ٢٢٧).
ومن قرأ سورة الانفطار أعطاه الله من الأجر بعدد كلّ قبر حسنة!! (الثعلبي ١٠ : ١٤٥ ؛ مجمع البيان ١٠ : ٢٨٣).
ومن قرأ سورة العاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة! (الثعلبي ١٠ : ٢٦٨ ؛ مجمع البيان ١٠ : ٤٢١).
ومن قرأ سورة تبّت رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة!! (الثعلبي ١٠ : ٣٢٣ ؛ مجمع البيان ١٠ : ٤٧٤).
إلى غيرها من سفاسف هي أشبه بالمهازل ، وتتحاشاها بداعة كلام الرسول وبراعته الفائقة!