وللإمام أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ كلمات فخيمة تعبيرا عن القرآن الكريم ، نقتطف منها ما يلي :
[م / ٢٠] قال عليهالسلام ـ في خطبة له خطابا مع أهل البصرة ـ : «وعليكم بكتاب الله ، فإنّه الحبل المتين ، والنور المبين ، والشفاء النافع ، والريّ الناقع (١). والعصمة للمتمسّك ، والنجاة للمتعلّق ، لا يعوجّ فيقام ، ولا يزيغ فيستعتب (٢) ، ولا تخلقه كثرة الردّ ، وولوج السمع. من قال به صدق ، ومن عمل به سبق» (٣).
[م / ٢١] وفي خطبة يعظ فيها ويبيّن فضل القرآن وينهى عن البدعة : «انتفعوا ببيان الله ، واتّعظوا بمواعظ الله ، واقبلوا نصيحة الله. فإنّ الله قد أعذر إليكم بالجليّة ، وأخذ عليكم الحجّة ، وبيّن لكم محابّه من الأعمال ، ومكارهه منها ، لتتّبعوا هذه وتجتنبوا هذه ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : إنّ الجنّة حفّت بالمكاره ، وإنّ النّار حفّت بالشهوات» إلى أن يقول :
«واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ ، والهادي الذي لا يضلّ ، والمحدّث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلّا قام عنه بزيادة أو نقصان : زيادة في هدى ، أو نقصان من عمى.
واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لأحد قبل القرآن من غنى. فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم (٤) ، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال. فاسألوا الله به ، وتوجّهوا إليه بحبّه ، ولا تسألوا به خلقه ، إنّه ما توجّه العباد إلى الله بمثله.
واعلموا أنّه شافع مشفّع ، وقائل مصدّق ، وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه ، ومن محل به (٥) القرآن يوم القيامة صدّق عليه. فإنّه ينادي مناد يوم القيامة : ألا إنّ كلّ حارث مبتلى في حرثه ، وعاقبة عمله ، غير حرثة القرآن! فكونوا من حرثته وأتباعه ، واستدلّوه على ربّكم ،
__________________
(١) يقال : نقع العطش أي أزاله.
(٢) يقال : استعتبه أي طلب منه العتبى أي استرضاه. يقال : استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني.
(٣) نهج البلاغة ٢ : ٤٩ ، الخطبة : ١٥٦.
(٤) اللّأواء : الشدّة.
(٥) يقال : محل به أي سعى به إلى السلطان.