وهذه الحروف تذكّر على اللفظ وتؤنّث على توهّم الكلمة.
قال كعب الأحبار : خلق الله العلم من نور أخضر ، ثمّ أنطقه ثمانية وعشرين حرفا من أصل الكلام ، وهيّأها بالصوت الذي سمع وينطق به ، فنطق بها العلم فكان أوّل ذلك كلّه الهمزة ، فنظرت إلى بعضها فتصاغرت وتواضعت لربّها تعالى ، وتمايلت هيبة له ، فسجدت فصارت همزة ، فلمّا رأى الله تعالى تواضعها مدّها وطوّلها وفضّلها ، فصارت ألفا ، فتلفظها به ، ثمّ جعل القلم ينطق حرفا حرفا إلى ثمانية وعشرين حرفا ، فجعلها مدار الكلام والكتب والأصوات واللغات والعبارات كلّها إلى يوم القيامة ، وجميعها كلّها في أبجد. وجعل الألف لتواضعها مفتاح أول أسمائه ، ومقدّما على الحروف كلّها (١).
فأمّا قوله عزوجل : (الم) فقد اختلف العلماء في تفسيرها :
[م / ١٩٥] روى عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قول الله تعالى : (الم) قال : أنا الله أعلم.
[م / ١٩٦] وروى أبو روق عن الضحاك في قوله (الم :) أنا الله أعلم.
[م / ١٩٧] وقال مجاهد وقتادة : (الم) اسم من أسماء القرآن.
[م / ١٩٨] وقال الربيع بن أنس : (ألف) مفتاح اسم الله ، و (لام) مفتاح اسمه لطيف ، و (ميم) مفتاح اسمه مجيد.
[م / ١٩٩] وروى خالد عن عكرمة قال : (الم) قسم.
[م / ٢٠٠] وقال محمّد بن كعب : (الألف) آلاء الله ، و (اللام) لطفه ، و (الميم) ملكه.
[م / ٢٠١] وفي بعض الروايات عن ابن عبّاس (٢) : (الألف) الله ، و (اللام) جبرئيل ، أقسم الله بهم إنّ هذا الكتاب لا ريب فيه ، ويحتمل أن يكون معناه على هذه التأويل : أنزل الله هذا الكتاب على لسان جبريل إلى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال أهل الإشارة : (ألف) : أنا ، (لام) : لي ، (ميم) : منّي.
[م / ٢٠٢] وعن علي بن موسى الرضا عليهالسلام عن جعفر الصادق عليهالسلام وقد سئل عن قوله : (الم)
__________________
(١) أسطورة إسرائيليّة غريبة!
(٢) في تفسير السّلمي (١ : ٤٦) عن سهل بن عبد الله : الألف هو الله ، واللام جبرائيل ، والميم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.