أنبيائهم أنّ محمّدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل ، يقرؤه هو وأمّته على سائر أحوالهم ، ثمّ اليهود يحرّفونه عن جهته ، ويتأولونه على غير وجهه ، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال آجال هذه الأمّة ، وكم مدّة ملكهم.
فجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جماعة منهم فولّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا عليهالسلام مخاطبتهم. فقال قائلهم : إن كان ما يقول محمّد حقّا ، لقد علمناكم قدر ملك أمّته هو إحدى وسبعون سنة ، الألف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون ، فقال عليّ عليهالسلام : فما تصنعون ب (المص) وقد أنزلت عليه؟ فقالوا : هذه إحدى وستّون ومأة سنة. قال : فماذا تصنعون ب (الر) وقد أنزلت عليه؟ فقالوا : هذه أكثر ، هذه مائتان وإحدى وثلثون سنة. فقال عليّ عليهالسلام : فما تصنعون بما أنزل إليه (المر؟) قالوا : هذه مائتان وإحدى وسبعون سنة فقال عليّ عليهالسلام : فواحدة من هذه له أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم ، فبعضهم قال : له واحدة منها ، وبعضهم قال : بل يجمع له كلّها ، وذلك سبعمأة وأربع سنين ، ثمّ يرجع الملك إلينا يعني إلى اليهود.
فقال عليّ عليهالسلام أكتاب من كتب الله عزوجل نطق بهذا أم آراؤكم دلّتكم عليه؟ فقال بعضهم كتاب الله نطق به ، وقال آخرون منهم : بل آراؤنا دلّت عليه ، فقال عليّ عليهالسلام : فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون! فعجزوا عن إيراد ذلك ، وقال للآخرين : فدلّونا على صواب هذا الرأي! فقالوا : صواب رأينا ، دليله على أنّ هذا حساب الجمل! فقال عليّ عليهالسلام كيف دلّ على ما تقولون وليس في هذه الحروف الّا ما اقترحتم بلا بيان ، أرأيتم إن قيل لكم إنّ هذه الحروف ليست دالّة على هذه المدّة لملك أمّة محمّد ولكنها دالّة على أن كلّ واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب ، أو أنّ عدد ذلك لكلّ واحد منكم ومنّا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير ، أو أنّ لعليّ على كلّ واحد منكم دينا عدد ماله مثل عدد هذا الحساب؟
فقالوا : يا أبا الحسن ، ليس شيء ممّا ذكرته منصوصا عليه في «الم ، والمص ، والر ، والمر». فقال عليّ عليهالسلام : ولا شيء ممّا ذكرتموه منصوص عليه في «الم ، والمص ، والر ، والمر» ، فإن بطل قولنا لما قلنا ، بطل قولك لما قلت.
فقال خطيبهم ومنطيقهم : لا تفرح يا عليّ بأن عجزنا عن إقامة حجّة على دعوانا فأيّ حجّة لك في دعواك إلّا أن تجعل عجزنا حجّتك ، فإذا ما لنا حجّة في ما نقول ولا لكم حجّة فيما تقولون! قال