محمّد بن سيّار عن أبويهما عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهمالسلام أنّه قال ؛ كذّبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا : «سحر مبين تقوّله» فقال الله : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) أي يا محمّد! هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو بالحروف المقطعة التي منها «ألف ، لام ، ميم» وهي بلغتكم وحروف هجائكم ، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم. ثمّ بيّن أنّهم لا يقدرون عليه بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(١) ثمّ قال الله : (الم) هو القرآن الذي افتتح بالم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى فمن بعده من الأنبياء ، فأخبروا بني إسرائيل أنّي سأنزله عليك يا محمّد كتابا عزيزا (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(٢)
(لا رَيْبَ فِيهِ :) لا شكّ فيه ، لظهوره عندهم ، كما أخبرهم أنبياؤهم أنّ محمّدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل ، يقرأه هو وأمّته على ساير أحوالهم.
(هُدىً :) بيان من الضلالة (لِلْمُتَّقِينَ :) الذين يتّقون الموبقات ؛ ويتّقون تسليط السفه على أنفسهم ، حتّى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم.
قال : وقال الصادق عليهالسلام : ثمّ الألف حرف من حروف قولك : الله ، دلّ بالألف على قولك : الله ، ودلّ باللام على قولك : الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ، ودلّ بالميم على أنّه المجيد المحمود في كلّ أفعاله.
وجعل هذا القول حجّة على اليهود ، وذلك أنّ الله لمّا بعث موسى بن عمران ثمّ من بعده من الأنبياء إلى بنى اسرائيل ، لم يكن فيهم قوم إلّا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمننّ بمحمّد العربي الأمّي المبعوث بمكّة ، الذي يهاجر إلى المدينة ، يأتي بكتاب الله بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره ، يحفظه أمّته ، فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة ، وعلى كلّ الأحوال ، يسهل الله عزوجل حفظه عليهم ...
قال فلما بعث الله محمّدا وأظهره بمكة ، ثمّ سيّره منها إلى المدينة وأظهره بها ، ثمّ أنزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سوره الكبرى بالم ، يعنى : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ) وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت به أنبيائي السالفين ، أنّي سأنزله عليك يا محمّد (لا رَيْبَ فِيهِ) ، فقد ظهر كما أخبرهم به
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٩١.
(٢) فصّلت ٤١ : ٤٢.