[م / ٣١٧] قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يحمل هذا الدين في كلّ قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين» (١).
[م / ٣١٨] وفي لفظ آخر : «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» (٢).
نعم ، إنّهم بفضل وقوفهم على محكمات الدين وعرفانهم لأصول الشريعة ومبانيها الوثيقة ، يمكنهم رفض الواردات المنافية مع معطيات الكتاب والسنّة ، رفضا عن علم وحكمة وعلى أساس متين. (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)(٣).
إذن فالمراد من المخالفة هنا هي المباينة مع صميم الدين وروح الشريعة الغرّاء ، مباينة مع أهدافها وأغراضها الهادفة إلى إسعاد الأمّة في دنياهم وآخرتهم. فما عاكس هذا الاتجاه ، فهو زخرف مرفوض ، وما رافقه فهو حقّ مقبول.
نعم هناك محكمات ومتشابهات ، فمن عرف المحكمات لم تلتبس عليه المتشابهات.
ومن لمس الحقيقة في صميمها ، سهل عليه رفض الأباطيل.
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ)(٤).
(كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ)(٥).
[م / ٣١٩] وبهذا المعنى ورد حديث المعلّى عن الإمام الصادق عليهالسلام : «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب الله عزوجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال» (٦).
أي ما من أمر يمسّ شؤون الأمّة إلّا ويمكن نقده (تمييز جيّده عن رديئه) في ضوء محكمات القرآن ، الأمر الذي يخصّ الراسخين في العلم النابهين الأذكياء ، ومن ثمّ قال : ولكن لا تبلغه عقول الرجال ، أي سائر الناس من الغوغاء العوامّ.
[م / ٣٢٠] وفي حديث ابن أبي يعفور عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له
__________________
(١) رواه الكشّي بالإسناد إلى الإمام الصادق عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (رجال الكشّي ١ : ١٠ / ٥) ؛ البحار ٢ : ٩٣ / ٢٢.
(٢) تفسير الإمام : ٤٧ ؛ البحار ٢٧ : ٢٢٢ / ١١.
(٣) الأنعام ٦ : ٩٠.
(٤) الأنبياء ٢١ : ١٨.
(٥) الرعد ١٣ : ١٧.
(٦) الكافي ١ : ٦٠ / ٦.