ولا تعاملوهم (١). متناف مع صراحة الكتاب بأنّ البشريّة جمعاء خلقوا من نسل واحد وانحدروا من سلالة واحدة ، لا ميز بينهم في جنس ولا نسب ولا في جوهر الذاتيّات.
قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً)(٢).
فالخطاب عام ويشمل جميع الشعوب والقبائل وأصناف الناس عربهم وعجمهم على سواء.
[م / ٣٢٥] قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الناس من آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربيّ على العجميّ ، ولا للأحمر على الأسود إلّا بالتقوى» (٣).
إذن فحديث الأكراد الآنف ، متبائن مع صريح الكتاب والسنّة المأثورة. وبذلك اتّضح :
[م / ٣٢٦] قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه» (٤).
يعنى : من عرف الكتاب عرف وجه الصواب في جميع الأمور ، وأمكنه تمييز الحق عن الباطل في يسر وسهولة ، بما آتاه الله من بصيرة ونور.
[م / ٣٢٧] قال الصادق عليهالسلام : «ما آتاكم عنّا من حديث لا يصدّقه كتاب الله فهو زخرف» (٥).
[م / ٣٢٨] وقال : «لا تصدّق علينا إلّا ما وافق كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٦).
وأصرح من الجميع :
[م / ٣٢٩] ما رواه الحسن بن الجهم ـ الرجل الثقة الثبت ـ عن العبد الصالح الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام قال : «إذا جاءك الحديثان المختلفان ، فقسمها على كتاب الله وأحاديثنا ، فإن أشبههما فهو حقّ ، وإن لم يشبههما فهو باطل» (٧).
__________________
(١) رواه عليّ بن الحكم عمّن حدّثه عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، الوسائل ١٧ : ٤١٦ باب ٢٣ (من أبواب آداب التجارة). والرواية كما ترى مجهولة الاسناد (من الذي حدّث ابن الحكم؟) بل وإنّ خليد بن أوفى المعروف بأبي الربيع الشامي ، لم يرد في شأنه توثيق ولا مدحه أحد من أصحاب الرجال.
(٢) النساء ٤ : ١.
(٣) قاله بشأن من لمز بشأن سلمان الفارسيّ. راجع : البحار ٢٢ : ٣٤٨ / ٦٤.
(٤) جامع أحاديث الشيعة ١ : ٣١١ ـ ٣١٢ / ٤٥٤ ـ ٨. (عن الكافي ١ : ٦٩ / ١ ؛ أمالي الصدوق : ٤٤٩ / ٦٠٨ ـ ١٨).
(٥) جامع أحاديث الشيعة ١ : ٣١٣ / ٤٥٧ ـ ١١ ؛ العيّاشي ١ : ٢٠ / ٤.
(٦) جامع أحاديث الشيعة ١ : ٣١٤ / ٤٦٣ ـ ١٧ ؛ العيّاشي ١ : ٢٠ / ٦.
(٧) جامع أحاديث الشيعة ١ : ٣١٤ / ٤٦٤ ـ ١٨.