وأصحابه خاصّة ، ليس في هذه الأمّة» (١).
قال : والرواية لا توافق بظاهرها الأصول الكليّة المستخرجة من الكتاب والسنّة ، فإنّ الآية ـ في دلالتها ـ عامّة ، إذ الإيمان بجميع آثاره ومراتبه ، وكذا الظلم بمراتبه وسوء آثاره ، أمر يرتبط مع فطرة الإنسان ومعطياته الإنسانيّة المودعة في جبلّته وذلك لا يختلف مع اختلاف الأمم والأزمنة. فالقول باختصاص مضمون الآية بأمّة دون غيرها ، مخالف لهذه الكليّة الفطريّة المستفادة من الكتاب والسنّة (٢).
وله قدسسره مواقف كريمة تجاه روايات جاءت مخالفة لمعطيات الكتاب والسنّة ، ولم يقتصر على ما خالف الكتاب نصّا ، وإن لم يكن ذلك بعزيز.
مثلا : ما ورد بشأن بدء النسل البشري ، وقد اختلفت الروايات في ذلك :
[م / ٣٤٩] فقد روي أنّ أحد ابني آدم تزوّج بحوراء نزلت من السماء ، فولدت له أربعة بنين. وتزوّج ابنه الآخر من بنات الجانّ ، فولدت له أربع بنات ، فتزوّج بنو ذاك من بنات هذا. فما كان من جمال فمن قبل الحوراء وما كان من قبح وسوء خلق فمن الجنّ. والروايات بهذا المعنى كثيرة (٣).
وتجاه ذلك رواية أخرى :
[م / ٣٥٠] في حديث الإمام عليّ بن الحسين السجّاد عليهالسلام مع قرشيّ يصف فيه تزوّج كلّ من ابني آدم بأخت الآخر من غير بطنه. حتّى إذا استوى النسل ، جاء التحريم بالتزوّج بالأخوات. وعلّل عليهالسلام ذلك بأنّ تحريم التزوّج بالأخت تشريع اعتباري ، فيجوز تحليله حينذاك وتحريمه بعد ذلك ، وليس ذاتيّا كي لا يتحمّل التخصيص ولو في مصلحة تكثير النسل بدءا.
وبذلك يختلف عن تزوّج بعض الأقوام ـ فيما يقال ـ بذوات الأرحام ، كالأخت مثلا. حيث كان هذا بعد التحريم.
هكذا رواه صاحب كتاب الاحتجاج بالإسناد إلى أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهالسلام يحدّث رجلا من قريش. وسرد الحديث (٤).
قال سيدنا الطباطبائي ـ تعقيبا على حديث الإمام السجّاد ـ : وهذا هو الموافق لظاهر الكتاب
__________________
(١) الدرّ ٣ : ٣٠٩.
(٢) الميزان ٧ : ٢٢١ نقلا بتوضيح.
(٣) راجع : العيّاشي ١ : ٢٤١ ـ ٢٤٢. وعلل الشرائع ١ : ١٧ ـ ١٨ / ١.
(٤) الاحتجاج ٢ : ٤٣ ـ ٤٤.