الروايات الأخرى (١).
قال السّيد محمّد رشيد رضا : ولو انتقدت الروايات من جهة فحوى متنها كما تنتقد من جهة سندها لقضت المتون على كثير من الأسانيد بالنقض (٢).
وقد استوفينا الكلام حول مزعومة سحر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتزييف رواياته بصورة مستوعبة ، فراجع (٣).
وهذا المحقق المضطلع الخبير العلّامة التستري في كتابه «الأخبار الدخيلة» تراه يعالج المستوردات من الأخبار معالجة فنّيّة دقيقة ، مهما قيل بصحة أسانيدها ما دامت هزيلة المحتوى ، ومخالفة للكتاب والسنّة وللعقل الرشيد مثلا :
[م / ٣٦١] وردت رواية عن عليّ بن إبراهيم بالإسناد إلى أبي بصير ، سأل الإمام أبا جعفر عليهالسلام عن الطلاق الذي لا يحلّ للزوج الرجوع إلّا بعد أن تنكح زوجا غيره؟
فقال : أخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي :
يقول : طلّقتها على طهر ثمّ تركتها حتّى كادت تنقضي عدّتها راجعتها ، ثمّ طلّقتها على طهر وتركتها وقبل أن تنقضي عدّتها راجعتها ، ثمّ طلّقتها على طهر.
ثمّ قال : وإنّما فعلت ذلك حيث لم يكن لي بها حاجة!! (٤)
يقول العلّامة التستري : لا شكّ إنّه من الأخبار الموضوعة ، لنزاهة مقام الإمامة أن يفعل شيئا كان الله قد شنّع الجاهليّة عليه ، كانوا يكرّرون الطلاق والرجوع إضرارا بالمرأة ، لا لشيء سواه. قال تعالى : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً)(٥).
ومضافا إلى مخالفته الصريحة :
[م / ٣٦٢] لما رواه الصدوق عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «لا ينبغي للرجل أن يطلّق امرأته ثمّ يراجعها وليس له فيها حاجة ثمّ يطلّقها ، فهذا هو الضرار الذي نهى الله عزوجل عنه ، إلّا أن يطلّق ثمّ
__________________
(١) في ظلال القرآن ٨ : ٧١٠ الجزء ٣٠ / ٢٩٢.
(٢) تفسير المنار ٣ : ١٤١.
(٣) التمهيد ١ : ١٩١ ـ ١٩٦. ولسيّدنا الطباطبائي هنا كلام قد يبدو عليه أثر الغرابة. راجع : الميزان ٢ : ٥٥٠ ـ ٥٥١.
(٤) الكافي ٦ : ٧٥ ـ ٧٦ / ١.
(٥) البقرة ٢ : ٢٣١.