و «الرب» من «ربب» مصدر مستعار للفاعل ، وهو المالك المتصرّف. ويطلق في اللغة على السيّد وعلى المتصرّف للإصلاح والتربية. والمراد هنا : الكافل بمصالح الخلائق. ولا يقال الرّبّ بلا تقييد إلّا لله القائم بمصالح العباد على الإطلاق.
وبالإضافة يقال له تعالى ولغيره. يقال : ربّ الدار وربّ الفرس لصاحبهما ، إذا كان كافلا بتدبير شؤونهما.
وقد تسامح من ترجمه بالمربّي ، من «ربو» بمعنى نما. إذ لا يتناوبان في موارد استعمالهما ، فضلا عن الافتراق في مادّة الكلمتين ومفهومهما ، ولعلّه تفسير بلازم المعنى.
و (الْعالَمِينَ) اسم جمع لجماعة العقلاء وقد ورد في القرآن أكثر من سبعين مرّة اريد به جماعة العقلاء لا غير : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ)(١). (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ)(٢). (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(٣). (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً)(٤). (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ)(٥)(وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ)(٦). (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ)(٧). (مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ)(٨) ... إلى غيرها وهي كثيرة ، اريد بها جماعة الناس ، ولم يرد في شيء من ذلك ما سوى الأناسي من الخلائق.
[١ / ١٢٩] وهكذا روي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام قال : «عني به الناس ، وجعل كلّ واحد منهم عالما. وقال : العالم عالمان : الكبير ، وهو الفلك بما فيه. والصغير ، وهو الإنسان ...» (٩).
[١ / ١٣٠] ونسب إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قوله :
أتزعم أنّك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر (١٠) |
ولكن شاع من غير أساس ، تفسير العالمين بالعوالم باعتباره جمعا للعالم ، فهناك عالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الإنسان. وهكذا عالم الإنس وعالم الجنّ وعالم الملائكة.
__________________
(١) الأنعام ٦ : ٩٠.
(٢) يوسف ١٢ : ١٠٤ وص ٣٨ : ٨٧ والتكوير ٨١ : ٢٧.
(٣) الأنبياء ٢١ : ١٠٧.
(٤) الفرقان ٢٥ : ١.
(٥) العنكبوت ٢٩ : ١٠.
(٦) العنكبوت ٢٩ : ١٥.
(٧) آل عمران ٣ : ٤٢.
(٨) آل عمران ٣ : ٩٦.
(٩) أورده الراغب في مفرداته : ٣٤٥.
(١٠) مرآة العقول ١١ : ٣٦١ ـ ٣٦٢.