ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.) وفي لفظ الترمذي : لم أسمع أحدا منهم يقولها ، فلا تقلها ، إذا أنت صلّيت فقل : الحمد لله ربّ العالمين (١).
[١ / ٣٧٤] وروي عن أنس قال : صلّيت خلف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلف أبي بكر وعمر ، فلم أسمع أحدا منهم يجهر ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(٢).
***
[١ / ٣٧٥] وأخرج الطبراني من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) هزأ منه المشركون وقالوا : محمّد يذكر إله اليمامة ، وكان مسيلمة يتسمّى الرحمان. فلمّا نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يجهر بها (٣).
قلت : لا شكّ أنّه حديث مفترى ؛ إذ كانت العرب تعرف الرحمان وأنّه ربّ العالمين. (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ)(٤). (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ)(٥). وقد خاطبهم الله سبحانه بهذا الوصف في أكثر من خمسين موضعا في القرآن! فكيف يا ترى أنكروا وصفه تعالى بهذا الوصف ، وزعم أنّه مستعار من وصف صاحب اليمامة؟!
على أنّ البسملة هي أولى آية نزلت بمكّة وكان النبيّ يجهر بها علانية في صلواته وتلاوة القرآن ليله ونهاره. ولم تظهر دعوة كذّاب اليمامة إلّا قبيل سنة عشر من الهجرة (٦) ، نعم ، الكذوب تخونه ذاكرته.
وأمّا قولهم : (وَمَا الرَّحْمنُ ...)(٧) فهو كقول فرعون : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)(٨) ... استهزاء بموضع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في دعوته إلى عبادة الله إلها واحدا لا شريك له ، ولذلك أتوا ب «ما» بدل «من»! وقالوا :
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٩ ؛ المصنّف ١ : ٤٤٧ / ١ ؛ الترمذي ١ : ١٥٤ ـ ١٥٥ / ٢٤٤ ، أبواب الصلاة ، باب ١٨٠ (ما جاء في ترك الجهر ببسم الله ...) ، بلفظ : عن ابن عبد الله بن مغفل قال : سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فقال لي : أي بنيّ محدث؟ إيّاك والحدث! قال : ولم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أبغض اليه الحدث في الإسلام ، يعني منه. وقال : وقد صلّيت مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها ، فلا تقلها إذا أنت صليت ، فقل «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» ... ؛ النسائي ١ : ٣١٥ ـ ٣١٦ / ٩٨٠ ؛ ابن ماجة ١ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ؛ البيهقي ٢ : ٥٢.
(٢) القرطبي ١ : ٩٦ ؛ المصنّف ١ : ٤٤٨ / ١٧ ، باب ١٩٣ ؛ كنز العمّال ٨ : ١١٨ / ٢٢١٧٤.
(٣) الدرّ ١ : ٢٩ ؛ الأوسط ٥ : ٨٩ ؛ مجمع الزوائد ٢ : ١٠٨.
(٤) الزخرف ٤٣ : ٢٠.
(٥) يس ٣٦ : ١٥.
(٦) راجع : سيرة ابن هشام ٤ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧.
(٧) الفرقان ٢٥ : ٦٠.
(٨) الشعراء ٢٦ : ٢٣.