إذ قد عرفت أنّ مسيلمة إنّما تسمّى بالرحمان في أخريات عهد الرسالة في المدينة. وقد نزلت (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، منذ بدء الرسالة ، على مشرّفها آلاف التحيّة والثناء.
***
والأغرب ما زعمه البعض من عدم نزول البسملة آية في القرآن ، لا في مفتتح السور ولا غيرها سوى سورة النمل. أو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكتبها حتّى نزلت سورة النمل.
والأعجب قولهم : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يكتب في أوائل السور شعار الجاهليّة : «باسمك اللهمّ» بدل شعار الإسلام : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)!
قالوا : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتب في بدء الأمر على رسم قريش : «باسمك اللهمّ» حتّى نزلت : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها)(١) ، فكتب : «باسم الله». حتّى نزلت : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ)(٢) ، فكتب : «باسم الله الرحمان». حتّى نزلت : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(٣) ، فكتب مثلها (٤).
يالها من سفاسف لا يقبلها عقل سليم!!
[١ / ٣٧٩] وذكر القرطبي ـ ناسبا له إلى الشعبي والأعمش (وحاشاهما) ـ : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يكتب «باسمك اللهمّ» ، حتّى أمر أن يكتب «بسم الله» فكتبها. فلمّا نزلت : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) ، كتب «بسم الله الرحمان». فلمّا نزلت : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) كتبها.
[١ / ٣٨٠] قال : وفي مصنّف أبي داوود : قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكتب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) حتّى نزلت سورة النمل (٥).
[١ / ٣٨١] قال : وقال الحسن أيضا : لم تنزل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم) في شيء من القرآن إلّا في «طس» : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(٦).
والعمدة : أنّها مراسيل لا موضع لاعتبارها!
__________________
(١) هود ١١ : ٤١.
(٢) الإسراء ١٧ : ١١٠.
(٣) النمل ٢٧ : ٣٠.
(٤) راجع : البغوي ١ : ٧٣ / ٢٨ ؛ عبد الرزّاق ٢ : ٤٧٧ / ٢١٥٨.
(٥) القرطبي ١ : ٩٢ ؛ وراجع : سنن أبي داوود ١ : ١٨٢ ذيل الحديث رقم ٧٨٧.
(٦) القرطبي ١ : ٩٥.