لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) ، فإنّه يجب علينا بحكم الوعد أو بحكم الحكمة أن نجمع أعمالك عليك وأن نقرأها عليك ، فإذا قرأناه عليك فاتّبع قرآنه ، بالإقرار بأنّك فعلت تلك الأفعال. ثمّ إنّ علينا بيان أمره وشرح مراتب عقوبته.
وحاصل الأمر من تفسير هذه الآية ، أنّ المراد منه : أنّه تعالى يقرأ على الكافر جميع أعماله على سبيل التفصيل ، وفيه أشدّ الوعيد في الدنيا وأشدّ التهويل في الآخرة.
قال القفّال : فهذا وجه حسن ، ليس في العقل ما يدفعه ، وإن كانت الآثار غير واردة به! (١)
قال السيّد محمود الآلوسيّ : فالربط عليه ظاهر جدّا. ومن هنا اختاره البلخي ومن تبعه. لكنّه مخالف للصحيح المأثور الذي عليه الجمهور (٢).
وقال جمال الدين القاسمي : زعم ابن حجر أنّ الحامل على هذا الوجه هو عسر بيان المناسبة بين هذه الآية وقريناتها من السورة. أي ولمّا بيّن الأئمّة وجه المناسبة ، لم يبق وجه للذهاب إلى هذا الوجه.
قال القاسمي : مع أنّ هذا الوجه ـ الذي ذكره القفّال ـ هو فيما يظهر ، فيه غاية القوّة والارتباط بما قبله وما بعده ، ممّا يؤثره على المأثور ، الذي قد يكون مدركه الاجتهاد ، والوقوف مع ظاهر ألفاظ الآية (٣).
والأثر الذي يشير إليه الآلوسيّ هو :
[م / ٨١] ما رواه البخاري بإسناده إلى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعالج من التنزيل شدّة ، وكان ممّا يحرّك به شفتيه. قال ابن عبّاس : فأنا أحرّكهما لكم كما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحرّكهما.
وقال سعيد : أنا أحرّكهما كما رأيت ابن عبّاس يحرّكهما ، فحرّك شفتيه.
قال : فأنزل الله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)(٤) فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع ، فإذا انطلق قرأه (٥).
__________________
(١) التفسير الكبير ٣٠ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٢) روح المعاني ٢٩ : ١٤٤.
(٣) تفسير القاسمي ٧ : ٢٢٢.
(٤) القيامة ٧٥ : ١٦.
(٥) البخاري ١ : ٤ ، باب بدء الوحي.