وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧)
____________________________________
استطاعتكم فإنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (وَاسْمَعُوا) من الرسول ما يأمركم (وَأَطِيعُوا) بعد ما سمعتم ، وكأن المراد من السماع أن يستمعوا للعمل (وَأَنْفِقُوا) من أموالكم في سبيل الله (خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) أي إنفاقا خيرا ، فإنه عائد لأنفسكم إذ تعطون بدله في الدنيا والآخرة (وَمَنْ يُوقَ) أي يحفظ (شُحَّ نَفْسِهِ) أي بخلها ، بأن يحفظه الله سبحانه من البخل ، فينفق كما أمر الله سبحانه (فَأُولئِكَ) المتصفون بتلك الصفات أو من وقي شح نفسه (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون ، من أفلح بمعنى فاز وظفر بالسعادة.
[١٨] ثم أن هذا المال الذي ينفقه الإنسان لا يذهب ضياعا بلا عوض بل هو بمنزلة قرض يقرضه الإنسان لله سبحانه ، فيرده عليه أضعافا مضاعفة (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) بأن يكون الإنفاق لله وفي سبيله بلا منّ ولا رياء ولا سمعة ولا حب المدح وما أشبه من مفسدات العمل (يُضاعِفْهُ) الله (لَكُمْ) أي يعطي بدله أضعافا ، حتى أن الواحد يصل عوضه إلى سبعمائة وأكثر (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ذنوبكم بسبب ذلك الإنفاق (وَاللهُ شَكُورٌ) أي فاعل الشكر ، فإن الإنسان الشاكر يثني المشكور ويبذل له عوض عمله ، وهكذا الله سبحانه يمدح المعطي ويبذل له عوضه (حَلِيمٌ) فلا يعاجل العاصي بالعقوبة ، فهو شاكر للمطيع ، حليم عن العاصي.