بدعيا ولا سنة ولا بدعة في طلاق هؤلاء (١) لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا» والخلع في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه لا يكون بدعيا لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أذن لثابت بن قيس في مخالعة زوجته من غير أن يعرف حالها ، ولو لا جوازه في جميع الأحوال لا شبه أن يتعرف الحال ، ولو طلق امرأته في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه قصدا يعصي الله تعالى.
ولكن يقع الطلاق لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر ابن عمر بالمراجعة ولو لا وقوع الطلاق لكان لا يأمره بالمراجعة ، وإذا راجعها في حال الحيض يجوز أن يطلقها في الطهر الذي يعقب تلك الحيضة قبل المسيس.
كما رواه يونس بن جبير وأنس بن سيرين عن ابن عمر ، وما رواه نافع عن ابن عمر : «ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر» فاستحباب استحب تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني حتى لا يكون مراجعته إياها للطلاق كما يكره النكاح للطلاق ، ولا بدعة في الجمع بين الطلقات الثلاث عند بعض أهل العلم ، حتى لو طلق امرأته في حال الطهر ثلاثا لا يكون بدعيا وهو قول الشافعي وأحمد ، وذهب بعضهم إلى أنه بدعة وهو قول مالك وأصحاب الرأي.
قوله عزوجل : (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) ، أي عدد أقرائها فاحفظوها ، قيل : أمر بإحصاء العدة لتفريق الطلاق على الأقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثا. وقيل : للعلم ببقاء زمان الرجعة ومراعاة أمر النفقة والسكنى ، (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) ، أراد به إذا كان المسكن الذي طلقها فيه للزوج لا يجوز أن يخرجها منه ، (وَلا يَخْرُجْنَ) ، ولا يجوز لها أن تخرج ما لم تنقض عدتها ، فإن خرجت لغير ضرورة أو حاجة أثمت ، فإن وقعت ضرورة بأن خافت هدما أو غرقا لها أن تخرج إلى منزل آخر ، وكذلك إن كانت لها حاجة من بيع غزل أو شراء قطن فيجوز لها الخروج نهارا ولا يجوز ليلا.
[٢٢٢٥] فإن رجالا استشهدوا بأحد فقالت نساؤهم : نستوحش في بيوتنا ، فأذن لهن النبي صلىاللهعليهوسلم أن يتحدثن عند إحداهن ، فإذا كان وقت النوم تأوي كل امرأة إلى بيتها.
[٢٢٢٦] وأذن النبي صلىاللهعليهوسلم لخالة جابر حين طلقها زوجها أن تخرج لجذاذ نخلها.
وإذا لزمتها العدة في السفر تعتد في أهلها ذاهبة وجائية ، والبدوية تتبوّأ حيث يتبوأ أهلها في العدة ، لأن الانتقال في حقهم كالإقامة في حق المقيم.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) ، قال ابن عباس : الفاحشة المبينة أن تبدو (٢) على أهل زوجها فيحل إخراجها ، وقال جماعة : أراد بالفاحشة أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها ، ثم ترد إلى منزلها ، ويروى ذلك عن ابن مسعود ، وقال قتادة : معناه إلا أن يطلقها على نشوزها فلها أن تتحول من بيت زوجها. والفاحشة : النشوز. وقال ابن عمر والسدي : خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة. (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) ، يعني ما ذكر من سنة الطلاق وما بعدها ، (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ
__________________
[٢٢٢٥] ـ لم أقف عليه بعد.
[٢٢٢٦] ـ صحيح. أخرجه مسلم ١٤٨٣ وأبو داود ٢٢٩٧ والنسائي ٦ / ٢٠٩ وابن ماجه ٢٠٣٤ والحاكم ٢ / ٢٠٧ من طرق عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال : طلقت خالتي ، فأرادت أن تجذّ نخلها ، فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «بلى فجدّي نخلك ، فإنك عسى أن تصدقي ، أو تفعلي معروفا» لفظ مسلم.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) تصحف في المطبوع «تبدأ». وفي المخطوط «تبدو» والمثبت عن الطبري ٣٤٢٥٧ وهو من البذاء ، الكلام القبيح.