وقال سعيد بن المسيب : إنما نقلت فاطمة لطول لسانها على أحمائها وكان للسانها ذرابة أما المعتدة عن وطء الشبهة والمفسوخ نكاحها بعيب أو خيار عتق فلا سكنى لها ولا نفقة وإن كانت حاملا ، والمعتدة عن وفاة الزوج لا نفقة لها حاملا كانت أو حائلا عند أكثر أهل العلم.
وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أن لهذه النفقة إن كانت حاملا من التركة حتى تضع ، وهو قول شريح والشعبي والنخعي والثوري ، واختلفوا في سكناها وللشافعي رضي الله عنه فيه قولان أحدهما لا سكنى لها بل تعتد حيث تشاء ، وهو قول علي وابن عباس وعائشة ، وبه قال عطاء والحسن وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه ، والثاني : لها السكنى وهو قول عمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر ، وبه قال مالك وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق ، واحتج من أوجب لها السكنى بما.
[٢٢٣٤] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن سعد (١) بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم ، فقتلوه فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في منزل يملكه ولا نفقة ، فقالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نعم ، فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعيت له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كيف قلت»؟ قالت : فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي ، فقال : «امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله» قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ، قالت : فلما كان عثمان أرسل إليّ فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.
فمن قال بهذا القول قال : إذنه لفريعة أولا بالرجوع إلى أهلها صار منسوخا بقوله آخرا : «امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله» ومن لم يوجب السكنى قال أمرها بالمكث في بيتها آخرا استحبابا لا وجوبا.
قوله عزوجل : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) ، أي أرضعن أولادكم ، (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ، على إرضاعهن ، (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) ، ليقبل بعضكم من بعض إذا أمره بالمعروف ، وقال الكسائي (٢) : شاوروا ، قال
__________________
ـ وانظر «أحكام القرآن» ٢١٤٣ و ٢١٤٤ لابن العربي بتخريجي.
[٢٢٣٤] ـ جيد. إسناده قوي ، رجاله ثقات سوى زينب بنت كعب بن عجرة ، وثقها ابن حبان ، وروى عنها سعد بن إسحاق ، وسليمان بن محمد ابنا كعب بن عجرة ، وذكرها ابن الأثير وابن فتحون في الصحابة ، ثم هي بنت صحابي ، وهو كعب بن عجرة ، وزوجة صحابي جليل وهو أبو سعيد الخدري ، وبهذا يعلم أن قول علي المديني : لم يرو عنها سوى سعد بن إسحاق. إشارة إلى جهالتها ، غير سديد.
ـ وهو في «شرح السنة» ٢٣٧٩ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «الموطأ» ٢ / ٥٩١ عن سعد بن إسحاق بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو داود ٢٣٠٠ والترمذي ١٢٠٤ والنسائي في «التفسير» ٦٤ والشافعي ٢ / ٥٣ ـ ٥٤ والدارمي ٢ / ١٦٨ وابن حبان ٤٢٩٢ من طرق عن مالك به.
ـ وأخرجه الترمذي بإثر ١٢٠٤ والنسائي ٦ / ١٩٩ و ٢٠٠ وابن ماجه ٢٠٣١ وأحمد ٦ / ٣٧٠ و ٤٢٠ ـ ٤٢١ وابن سعد ٨ / ٣٦٨ وابن الجارود ٧٥٩ والبيهقي ٧ / ٤٣٤ و ٤٣٥ من طرق عن سعد بن إسحاق به.
ـ وصححه الحاكم ٢ / ٢٠٨ ووافقه الذهبي.
(١) تصحف في المطبوع «سعيد».
(٢) في المطبوع «الشافعي».