مقاتل : بتراضي الأب والأم على أجر مسمى ، والخطاب للزوجين جميعا يأمرهم أن يأتوا بالمعروف وبما هو الأحسن ولا يقصدوا الضرار ، (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) ، في الرضاع والأجرة فأبى الزوج أن يعطي المرأة أجرتها وأبت الأم أن ترضعه فليس له إكراهها على إرضاعه ، ولكنه يستأجر للصبي مرضعا غير أمه وذلك قوله : (فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى).
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧))
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) ، على قدر غناه ، (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) ، من المال ، (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً) ، في النفقة ، (إِلَّا ما آتاها) ، أعطاها من المال ، (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) ، بعد ضيق وشدة غنى وسعة.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢))
قوله عزوجل : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ) ، عصت وطغت ، (عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ) ، أي وأمر رسله ، (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً) ، بالمناقشة والاستقصاء ، قال مقاتل : حاسبها بعملها في الدنيا فجازاها بالعذاب ، وهو قوله (وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) ، منكرا فظيعا وهو عذاب النار لفظهما ماض ومعناهما الاستقبال ، وقيل : في الآية تقديم وتأخير مجازها فعذبناها في الدنيا بالجوع والقحط والسيف وسائر البلايا وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا.
(فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها) ، جزاء أمرها ، وقيل : ثقل عاقبة كفرها ، (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) ، خسرانا في الدنيا والآخرة.
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) (١٠) ، يعني القرآن.
(رَسُولاً) بدلا من الذكر ، وقيل : أنزل إليكم قرآنا وأرسل رسولا وقيل مع الرسول ، وقيل : الذكر هو الرسول. وقيل : ذكرا أي شرفا ثم بين ما هو فقال : (رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) ، يعني الجنة التي لا ينقطع نعيمها.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [في العدد](١) (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) ، بالوحي من السماء السابعة إلى الأرض السفلى ، قال أهل المعاني : هو ما يدير فيهن من عجيب تدبيره فينزل المطر ويخرج النبات ، ويأتي بالليل والنهار والصيف والشتاء ، ويخلق الحيوان على اختلاف هيئاتها وينقلها من
__________________
(١) زيد في المطبوع وط.