بتشديدها ، (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) ، أي وليه وناصره قوله : (وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) ، روي عن ابن مسعود وأبي بن كعب : (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، وقال الكلبي : هم المخلصون الذين ليسوا بمنافقين. قوله : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) ، قال مقاتل : بعد الله وجبريل وصالح المؤمنين (ظَهِيرٌ) ، أي : أعوان النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع ، كقوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩].
(عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥))
(عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) ، أي واجب من الله إن طلقكن رسوله ، (أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ) ، خاضعات لله بالطاعة ، (مُؤْمِناتٍ) ، مصدقات بتوحيد الله ، (قانِتاتٍ) ، طائعات ، وقيل : داعيات وقيل مصليات ، (تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ) ، صائمات ، وقال زيد بن أسلم : مهاجرات وقيل : يسحن معه حيث ما ساح (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) ، وهذا في الإخبار عن القدرة لا عن الكون لأنه قال : (إِنْ طَلَّقَكُنَ) وقد علم أنه لا يطلقهن وهذا كقوله : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) [محمد : ٣٨] ، وهذا إخبار عن القدرة لأن [ليس](١) في الوجود أمة هي (٢) خير من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩))
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ) ، قال عطاء عن ابن عباس : أي بالانتهاء عما نهاكم الله تعالى عنه والعمل بطاعته ، (وَأَهْلِيكُمْ ناراً) ، يعني مروهم بالخير وانهوهم عن الشر ، وعلموهم وأدبوهم تقوهم بذلك نارا ، (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ) ، يعني خزنة النار ، (غِلاظٌ) ، فظاظ على أهل النار ، (شِدادٌ) ، أقوياء يدفع الواحد منهم بالدفعة الواحدة سبعين ألفا في النار وهم الزبانية لم يخلق الله فيهم الرحمة ، (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٧) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) ، قرأ الحسن وأبو بكر عن عاصم (نَصُوحاً) بضم النون ، وقرأ العامة بفتحها أي توبة ذات نصح تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب منه.
واختلفوا في معناه قال عمر وأبيّ ومعاذ : التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب ، كما لا
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع «هم».