تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض فوسوس إليه ، فقال له : أتدري ما على ظهرك يا لوثيا من الأمم والدواب والشجر والجبال لو نفضتهم ألقيتهم عن ظهرك ، فهم لوثيا أن يفعل ذلك فبعث الله دابة فدخلت منخره فوصلت إلى دماغه فعج الحوت إلى الله منها فأذن لها فخرجت. قال كعب : فو الذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن هم بشيء من ذلك عادت إلى ذلك كما كانت (١). وقال بعضهم : إن نون آخر حروف الرحمن ، وهي رواية عكرمة عن ابن عباس. وقال الحسن وقتادة والضحاك : النون الدواة. وقيل : [هو قسم أقسم الله به. وقيل : فاتحة السورة. وقال عطاء : افتتاح اسمه نور وناصر. وقال محمد بن كعب](٢) أقسم الله بنصرته المؤمنين. (وَالْقَلَمِ) ، هو الذي كتب الله به الذكر وهو قلم من نور طوله ما بين السماء والأرض.
ويقال : أول ما خلق الله القلم ونظر إليه فانشق نصفين ، ثم قال [له](٣) : أجر بما هو كائن إلى يوم القيامة فجرى على اللوح المحفوظ بذلك. (وَما يَسْطُرُونَ) ، يكتبون أي ما تكتب الملائكة الحفظة من أعمال بني آدم.
(ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ) ، بنبوة (رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) ، هذا جواب لقولهم (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) [الحجر : ٦] فأقسم الله بالنون والقلم وما يكتب من الأعمال فقال : (فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) ، بنبوة ربك (بِمَجْنُونٍ) ، هذا جواب القسم أي : إنك لا تكون مجنونا وقد أنعم الله عليك بالنبوّة والحكمة. وقيل : بعصمة ربك. وقيل : هو كما يقال ما أنت بمجنون والحمد لله. وقيل : معناه : ما أنت بمجنون والنعمة لربك ، كقولهم : سبحانك اللهم وبحمدك أي والحمد لك.
(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) (٣) ، أي منقوص ولا مقطوع بصبرك على افترائهم عليك.
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) ، قال ابن عباس ومجاهد : دين عظيم لا دين أحب إلي ولا أرضى عندي منه ، وهو دين الإسلام. وقال الحسن : هو آداب القرآن.
[٢٢٤٨] سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : كان خلقه القرآن. وقال قتادة : هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله ، والمعنى إنك لعلى الخلق الذي أمرك الله به في القرآن. وقيل : سمى الله خلقه عظيما لأنه امتثل تأديب الله إياه بقوله : (خُذِ الْعَفْوَ) [الأعراف : ١٩٩] الآية.
[٢٢٤٩] وروينا عن جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق ، وتمام محاسن الأفعال».
[٢٢٥٠] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا
__________________
[٢٢٤٨] ـ صحيح. أخرجه مسلم ٧٤٦ وأبو داود ١٣٤٢ والنسائي ٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ وأحمد ٦ / ٥٣ والبيهقي ٢ / ٤٩٩ من طريق قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام بن عامر عن عائشة مطوّلا.
ـ وأخرجه أبو يعلى ٤٨٦٢ وأحمد ٦ / ٩٧ و ٢٣٥ من طريق الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة مطوّلا.
ـ وانظر الحديث الآتي في سورة المزمل عند آية : ٤.
[٢٢٤٩] ـ تقدم في سورة الأعراف عند الآية : ١٩٩.
[٢٢٥٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ يوسف هو ابن أبي إسحاق ، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله.
(١) هذا الخبر من إسرائيليات كعب الأحبار.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.