حاسم ، وجمعه حسوم ، مثل شاهد وشهود ، وقال الكلبي ومقاتل : حسوما دائمة. وقال النضر بن شميل : حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم ، والحسم : القطع والمنع ومنه حسم الداء. قال الزجاج : [الذي توجبه الآية فعلى معنى] تحسمهم حسوما تفنيهم وتذهبهم. وقال عطية [حسوما](١) شؤما كأنها حسمت الخير عن أهلها. (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها) ، أي في تلك الليالي والأيام (صَرْعى) ، هلكى جمع صريع ، (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) ، ساقطة ، وقيل : خالية الأجواف.
(فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٨) ، أي من نفس باقية يعني لم يبق منهم أحد.
(وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ) ، قرأ أهل البصرة والكسائي بكسر القاف ، وفتح الباء أي ومن معه من جنوده وأتباعه ، وقرأ الآخرون بفتح القاف وسكون الباء ، أي ومن قبله من الأمم الكافرة ، (وَالْمُؤْتَفِكاتُ) ، يعني أي قرى قوم لوط يريد أهل المؤتفكات. وقيل : يريد الأمم الذين ائتفكوا بخطيئتهم ، [أي أهلكوا بذنوبهم] (بِالْخاطِئَةِ) ، أي بالخطيئة والمعصية وهي الشرك.
(فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) ، يعني لوطا وموسى ، (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً) ، نامية ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : شديدة. وقيل : زائدة على عذاب الأمم.
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧))
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) ، أي عتا وجاوز حده حتى علا على كل شيء وارتفع فوقه يعني زمن نوح عليهالسلام. (حَمَلْناكُمْ) ، أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم ، (فِي الْجارِيَةِ) ، في السفينة التي تجري في الماء.
(لِنَجْعَلَها) ، أي لنجعل تلك الفعلة التي فعلنا من إغراق قوم نوح ونجاة من حملنا معه ، (لَكُمْ تَذْكِرَةً) ، عبرة وعظة (وَتَعِيَها) ، قرأ القواس عن ابن كثير وسليم عن حمزة باختلاس العين ، وقرأ الآخرون بكسرها أي تحفظها (أُذُنٌ واعِيَةٌ) ، أي : حافظة لما جاء من عند الله. قال قتادة : أذن سمعت وعقلت ما سمعت. قال الفراء : لتحفظها كل أذن فتكون عبرة وموعظة لمن يأتي بعد.
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) (١٣) ، وهي النفخة الأولى.
(وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) ، رفعت [من](٢) أماكنها ، (فَدُكَّتا) ، كسرتا ، (دَكَّةً) ، كسرة ، (واحِدَةً) ، فصارتا هباء منبثا (٣).
(فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١٥) ، قامت القيامة.
(وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) (١٦) ، ضعيفة قال الفراء : وهيها تشققها.
(وَالْمَلَكُ) ، يعني الملائكة ، (عَلى أَرْجائِها) ، نواحيها وأقطارها [على](٤) ما لم ينشق منها. واحدها : رجا [مقصور](٥) وتثنيته رجوان. قال الضحاك : تكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن عليها. (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ) ، أي فوق رءوسهم يعني الحملة ، (يَوْمَئِذٍ) ،
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «منثورا» والمثبت عن المخطوطتين.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) زيادة عن المخطوط.