ثنا سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن العباس بن عبد المطلب قال : كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم بالبطحاء فمرت سحابة فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أتدرون ما هذا؟ قلنا السحاب ، قال : والمزن ، قلنا : والمزن ، قال : والعنان ، فقلنا : والعنان ، فسكتنا فقال : هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : بينهما مسيرة خمسمائة سنة ، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة ، وكذلك غلظ كل سماء خمسمائة سنة ، وفوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض ، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن كما بين السماء والأرض ، فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض والله تعالى فوق ذلك ، وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء».
ويروى هذا عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس. وروي عن ابن عباس أنه قال : (فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) أي ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله.
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُها دانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤))
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) ، على الله ، (لا تَخْفى) ، قرأ [حمزة والكسائي لا يخفى](١) بالياء ، وقرأ الآخرون بالتاء ، (مِنْكُمْ خافِيَةٌ) ، أي فعلة خافية. قال الكلبي : لا يخفى على الله منكم شيء. قال أبو موسى : يعرض الناس ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما العرضة الثالثة فعندها تطاير الصحف فأخذ بيمينه وأخذ بشماله.
وذلك قوله عزوجل : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) (١٩) ، الهاء في (كِتابِيَهْ) هاء الوقف.
(إِنِّي ظَنَنْتُ) علمت وأيقنت ، (أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) ، أي أحاسب في الآخرة.
(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ) ، يعني حالة من العيش ، (راضِيَةٍ) ، مرضية كقوله : (ماءٍ دافِقٍ) يريد يرضاها بأن لقي الثواب وأمن العقاب.
(فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) (١٠) ، رفيعة.
(قُطُوفُها دانِيَةٌ) (٢٣) ، ثمارها قريبة لمن يتناولها في كل أحواله ينالها قائما وقاعدا ومضطجعا يقطعون كيف شاءوا.
ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ) ، قدمتم لآخرتكم من الأعمال الصالحة ، (فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) ، الماضية يريد أيام الدنيا.
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤))
__________________
(١) سقط من المطبوع.