محمد بن إسماعيل ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح [تعبد](١) في العرب بعده ، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع. وهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
وروي عن ابن عباس : أن تلك الأوثان دفنها الطوفان وطمها التراب ، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب ، وكانت للعرب أصنام أخر ، فاللات كانت لثقيف ، والعزى لسليم وغطفان وجشم ، ومناة لقديد ، وإساف ونائلة وهبل لأهل مكة.
(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨))
(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) ، أي ضل بسبب الأصنام كثير من الناس كقوله عزوجل : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) [إبراهيم : ٣٦] ، وقال مقاتل : أضل كبراؤهم كثيرا من الناس. (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) ، هذا دعاء عليهم بعد ما أعلم الله نوحا أنهم لا يؤمنون ، وهو قوله : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) [هود : ٣٦].
(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) ، أي من خطيئاتهم ، و (ما) صلة ، وقرأ أبو عمرو (خَطاياهُمْ) وكلاهما جمع خطيئة ، (أُغْرِقُوا) ، بالطوفان ، (فَأُدْخِلُوا ناراً) ، قال الضحاك هي في حالة واحدة في الدنيا يغرقون من جانب ويحترقون من جانب ، وقال مقاتل : فأدخلوا نارا في الآخرة ، (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) ، لم يجدوا أحدا يمنعهم من عذاب الله الواحد القهار.
(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) ، أحدا يدور في الأرض فيذهب ويجيء أصله من الدوران ، وقال القتيبي : إن أصله من الدار أي نازل دار.
(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) ، قال ابن عباس والكلبي ومقاتل : كان الرجل ينطلق بابنه إلى نوح فيقول احذر هذا فإنه كذاب وإن أبي حذرنيه فيموت الكبير وينشأ الصغير عليه ، (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ، قال محمد بن كعب ومقاتل والربيع وغيرهم : إنما قال نوح هذا حين أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم وأعقم أرحام نسائهم وأيبس أصلاب رجالهم قبل العذاب بأربعين سنة. وقيل : سبعين سنة وأخبر الله نوحا أنهم لا يؤمنون ولا يلدون مؤمنا فحينئذ دعا عليهم نوح فأجاب الله دعاءه ، وأهلكهم كلهم ولم يكن فيهم صبي وقت العذاب لأن الله تعالى قال : (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ) [الفرقان : ٣٧] ، ولم يوجد التكذيب من الأطفال.
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) ، واسم أبيه لمك بن متوشلخ واسم أمه سمحاء بنت أنوش وكانا مؤمنين ، (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ) ، داري ، (مُؤْمِناً) ، وقال الضحاك والكلبي : مسجدي. وقيل : سفينتي.
__________________
(١) سقط من المطبوع.