كيسان ؛ ما لكم لا ترجون في عبادة الله أن يثيبكم على توقيركم إياه خيرا.
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) (١٤) ، تارات ، حالا (١) بعد حال ، نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى تمام الخلق.
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) ، قال الحسن : يعني في السماء الدنيا ، كما يقال أتيت بني تميم وإنما أتى بعضهم ، وفلان متوار في دور (٢) بني فلان وإنما هو في دار بني واحدة. وقال عبد الله بن عمرو : إن الشمس والقمر وجوههما إلى السموات وضوء الشمس ونور القمر فيهن وأقفيتهما إلى الأرض. ويروي هذا عن ابن عباس.
(وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) ، مصباحا مضيئا.
(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧) ، أراد مبدأ خلق أبي البشر آدم خلقه من الأرض ، والناس ولده ، قوله : (نَباتاً) اسم جعل في موضع المصدر أي إنباتا ، قال الخليل : مجازه فنبتم نباتا.
(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) ، بعد الموت ، (وَيُخْرِجُكُمْ) ، منها يوم البعث أحياء ، (إِخْراجاً).
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) (١٩) ، فرشها وبسطها لكم.
(لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) (٢٠) ، طرقا واسعة.
(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) ، لم يجيبوا دعوتي ، (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) ، يعني اتبع السفلة والفقراء القادة والرؤساء الذين هم لم يزدهم كثرة المال والولد إلا ضلالا في الدنيا وعقوبة في الآخرة.
(وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) (٢٢) ، أي كبيرا عظيما ، يقال : كبير وكبار ، بالتخفيف ، وكبار بالتشديد ، شدد للمبالغة ، وكلها بمعنى واحد كما يقال : أمر عجيب وعجاب وعجاب بالتشديد وهو أشد في المبالغة واختلفوا في مكرهم. قال ابن عباس : قالوا قولا عظيما. قال الضحاك : افتروا على الله [كذبا](٣) وكذبوا رسله. وقيل منع الرؤساء اتباعهم عن الإيمان بنوح وحرضوهم على قتله.
(وَقالُوا). لهم (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) ، أي لا تتركوا عبادتها ، (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا) ، قرأ أهل المدينة [ودا](٤) بضم الواو والباقون بفتحها ، (وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ، هذه أسماء آلهتهم. قال محمد بن كعب : هذه أسماء قوم صالحين كانوا بين آدم ونوح ، فلما ماتوا كان لهم أتباع يقتدون بهم ويأخذون بعدهم مأخذهم في العبادة فجاءهم إبليس وقال لهم : لو صورتم صورهم كان أنشط لكم وأشوق إلى العبادة ، ففعلوا ثم نشأ قوم بعدهم فقال لهم إبليس : إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فعبدوهم ، فابتداء عبادة الأوثان كان من ذلك وسميت تلك الصور بهذه الأسماء لأنهم صوروها على صور أولئك القوم من المسلمين.
[٢٢٧٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا
__________________
[٢٢٧٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ هشام هو ابن عبد الله ، ابن جريج هو عبد الملك بن سعيد العزيز ، عطاء هو ابن أبي رباح.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٩٢٠ عن إبراهيم بن موسى بهذا الإسناد.
(١) في المطبوع «حال».
(٢) في المخطوط «ديار».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.