محمد بن حماد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يصفّ أهل النار فيعدّلون (١) قال : فيمر بهم الرجل من أهل الجنة فيقول الرجل منهم : يا فلان قال فيقول : ما تريد فيقول : أما تذكر رجلا سقاك شربة ماء يوم كذا وكذا؟ قال فيقول : وإنك لأنت هو؟ فيقول : نعم ، فيشفع له فيشفّع فيه. قال : ثم يمر بهم الرجل من أهل الجنة فيقول : يا فلان ، فيقول : ما تريد؟ فيقول : أما تذكر رجلا وهب لك وضوءا يوم كذا وكذا؟ فيقول : إنك لأنت هو؟ فيقول : نعم ، فيشفع له فيشفّع فيه».
(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٤٩) ، عن مواعظ القرآن معرضين نصب على الحال ، وقيل صاروا معرضين.
(كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ) ، جمع حمار ، (مُسْتَنْفِرَةٌ) ، قرأ أهل المدينة والشام بفتح الفاء ، وقرأ الباقون بكسرها ، فمن قرأ بالفتح فمعناها منفرة مذعورة ، ومن قرأ بالكسر فمعناها نافرة ، يقال : نفر واستنفر بمعنى واحد ، كما يقال عجب واستعجب.
(فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) (٥١) ، قال مجاهد وقتادة والضحاك : القسورة جماعة الرماة لا واحد لها من لفظها ، وهي رواية عطاء عن ابن عباس. وقال سعيد بن جبير : هم القناص وهي رواية عطية عن ابن عباس. قال زيد بن أسلم : من رجال أقوياء وكل ضخم شديد عند العرب قسور وقسورة. وعن أبي المتوكل قال : هي لغط القوم وأصواتهم. وروى عكرمة عن ابن عباس قال : هي حبال الصيادين. وقال أبو هريرة : هي الأسد ، وهو قول عطاء والكلبي ، وذلك أن الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت ، كذلك هؤلاء المشركين إذا سمعوا النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ القرآن هربوا منه. قال عكرمة : هي ظلمة الليل ، ويقال لسواد أول الليل قسورة.
(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦))
(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٥٢) ، قال المفسرون : إن كفار قريش قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله أنك لرسوله نؤمر فيه باتباعك. قال الكلبي : إن المشركين قالوا : يا محمد بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح مكتوبا عند رأسه ذنبه وكفارته ، فأتنا بمثل ذلك ، والصحف الكتب وهي جمع الصحيفة ومنشرة منشورة.
فقال الله تعالى : (كَلَّا) ، لا يؤتون الصحف. وقيل : حقا وكل ما ورد عليك منه فهذا وجهه (بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) ، أي لا يخافون عذاب الآخرة ، والمعنى أنهم لو خافوا النار لما اقترحوا هذه الآيات
__________________
ـ قال البوصيري في «الزوائد» : في إسناده يزيد بن أبان الرقاشي ، وهو ضعيف.
ـ وأخرجه أبو يعلى ٤٠٠٦ والطبراني في «الأوسط» ٦٥٠٧ من طريق يوسف بن خالد السمتي عن الأعمش عن أنس به.
ـ وإسناده ساقط.
ـ قال الهيثمي في «المجمع» ١٠ / ٣٨٢ : وفيه يوسف بن خالد السمتي ، وهو كذاب.
ـ وفيه أيضا انقطاع بين الأعمش وأنس.
(١) في المطبوع وط «فيعذبون» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط.