(كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠))
(كَأَنَّهُ) رد الكناية إلى اللفظ ، (جِمالَتٌ) ، قرأ حمزة والكسائي وحفص جمالة على جمع الجمل مثل حجر وحجارة ، وقرأ يعقوب بضم الجيم بلا ألف أراد الأشياء العظام المجموعة ، وقرأ الآخرون جمالات بالألف وكسر الجيم على جمع الجمال ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير : هي جبال السفن يجمع بعضها إلى بعض ، حتى تكون كأوساط الرجال ، (صُفْرٌ) ، جمع الأصفر ، يعني لون النار (١). وقيل : الصفر معناه السود لأنه.
[٢٣٠٦] جاء في الحديث «أن شرر نار جهنم أسود كالقير» ، والعرب تسمى سود الإبل صفرا لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة كما يقال لبيض الظباء : أدم لأن بياضها يعلوه كدرة.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨) ، أي في القيامة لأن فيها مواقف ، ففي بعضها يختصمون ويتكلمون وفي بعضها يختم على أفواههم فلا ينطقون.
(وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣٦) ، رفع عطف على قوله : «يؤذن» قال الجنيد : أي لا عذر لمن أعرض عن منعمه وكفر بأياديه ونعمه.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) ، بين أهل الجنة والنار ، (جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) ، يعني مكذبي هذه الأمة والأولين الذين كذبوا أنبياءهم.
(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) (٣٩) ، قال مقاتل : إن كانت لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ) ، جمع ظل أي في ظلال الشجر ، (وَعُيُونٍ) ، الماء.
(وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٤٢).
ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣) ، في الدنيا بطاعتي.
(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٥).
ثم قال لكفار مكة : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً) ، في الدنيا ، (إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) ، مشركون بالله عزوجل مستحقون العقاب (٢).
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا) ، يعني صلوا ، (لا يَرْكَعُونَ) ، لا يصلون ، وقال ابن
__________________
[٢٣٠٦] ـ موقوف صحيح. أخرجه مالك في «الموطأ» ٢ / ٩٩٤ عن أبي هريرة بإسناد على شرط البخاري ومسلم.
ـ لكن مثله لا يقال بالرأي ، فله حكم الرفع ، وقد صرح بذلك غير واحد وآخرهم شيخنا الأرناءوط في «جامع الأصول» ١٠ / ٥١٣ ـ ٥١٤.
(١) في المطبوع وحده «قنان».
(٢) في المطبوع «للعذاب».