ترقبته والمرصاد المكان الذي يرصد الراصد فيه العدو. وقوله : (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) (٢١) ، أي ترصد الكفار.
وروى مقسم عن ابن عباس : أن على جسر جهنم سبعة محابس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله فإن جاء بها تامة جاز إلى الثاني ، فيسأل عن الصلاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الثالث ، فيسأل عن الزكاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الرابع ، فيسأل عن الصوم فإن جاء به تاما جاز إلى الخامس ، فيسأل عن الحج فإن جاء به تاما جاز إلى السادس ، فيسأل عن العمرة فإن جاء بها تامة جاز إلى السابع ، فيسأل عن المظالم فإن خرج منها وإلا يقال : انظروا فإن كان له تطوع أكمل به أعماله ، فإذا فرغ انطلق به إلى الجنة.
(لِلطَّاغِينَ) ، للكافرين ، (مَآباً) ، مرجعا يرجعون إليه.
(لابِثِينَ) ، قرأ حمزة ويعقوب لبثين بغير ألف ، وقرأ العامة (لابِثِينَ) بالألف وهما لغتان. (فِيها أَحْقاباً) ، جمع حقب ، والحقب الواحد : ثمانون سنة ، كل سنة اثنا عشر شهرا ، كل شهر ثلاثون يوما ، كل يوم ألف سنة. وروي ذلك عن علي بن أبي طالب ، وقال مجاهد : الأحقاب ثلاثة وأربعون حقبا ، [كل حقب سبعون خريفا ، كل خريف سبعمائة سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، وكل يوم ألف سنة](١) قال الحسن : إن الله لم يجعل لأهل النار مدة ، بل قال : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) (٢٣) فو الله ما هو إلا إذا مضى حقب دخل آخر ثم آخر إلى الأبد ، فليس للأحقاب عدة إلا الخلود. وروى السدي عن مرة عن عبد الله قال : لو علم أهل النار أنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا ، ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون في الجنة عدد حصى الدنيا لحزنوا. وقال مقاتل بن حيان : الحقب الواحد سبع عشرة ألف سنة. قال : وهذه الآية منسوخة نسختها (فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) [النبأ : ٣٠] يعني أن العدد قد ارتفع والخلود قد حصل.
(لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) (٢٤) ، روي عن ابن عباس : أن البرد النوم ، ومثله قال الكسائي وأبو عبيدة ، تقول العرب : منع البرد البرد أي أذهب البرد النوم. وقال الحسن وعطاء : لا يذوقون فيها بردا أي روحا وراحة. قال مقاتل : لا يذوقون فيها بردا فينفعهم من حر ولا شرابا ينفعهم من عطش.
(إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) (٢٥) ، قال [ابن عباس](٢) : الغساق الزمهرير يحرقهم ببرده. وقيل : صديد أهل النار ، وقد ذكرناه في سورة ص.
(جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧))
(جَزاءً وِفاقاً) (٢٦) ، أي جازيناهم جزاء وافق أعمالهم. قال مقاتل : وافق العذاب الذنب فلا ذنب أعظم من الشرك ولا عذاب أعظم من النار.
(إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) (٢٧) ، لا يخافون أن يحاسبوا ، والمعنى : أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث
__________________
(١) سقط من المخطوط.
(٢) سقط من المخطوط.