(١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣))
وهي [ما ذكر من بعد قوله](١) عزوجل : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) (٧).
روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن هذه الآية فقال : يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة ، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار ، وهذا معنى قول عكرمة ، وقال الحسن وقتادة : ألحق كل امرئ بشيعته ، اليهودي باليهودي والنصراني بالنصراني ، قال الربيع بن خيثم : يحشر الرجل مع صاحب عمله. وقيل : زوجت النفوس بأعمالها. وقال عطاء ومقاتل : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت نفوس الكافرين بالشياطين. وروي عن عكرمة قال : وإذا النفوس زوجت ردت الأرواح في الأجساد.
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) (٨) ، وهي الجارية المدفونة حية سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب فيؤدها ، أي يثقلها حتى تموت وكانت العرب تدفن البنات حية مخافة العار والحاجة ، يقال : وأد يئد وأدا ، فهو وائد والمفعول موءود ، روى عكرمة عن ابن عباس : كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت وكان أوان ولادتها حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة فإن ولدت جارية رمت بها في الحفرة ، وإن ولدت غلاما حبسته (٢).
(بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) ، قرأ العامة على الفعل المجهول فيهما ، وأبو جعفر يقرأ : (قُتِلَتْ) بالتشديد ، ومعناه تسأل الموؤدة ، فيقال لها (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) ، ومعنى سؤالها توبيخ قاتلها لأنها تقول : قتلت بغير ذنب. وروي أن جابر بن زيد كان يقرأ : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) ، ومثله قرأ أبو الضحى.
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) (١٠) ، قرأ أهل المدينة والشام وعاصم ويعقوب (نُشِرَتْ) بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتشديد ، كقوله : (يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) [المدثر : ٥٢] ، يعني صحائف الأعمال تنتشر للحساب.
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) (١١) ، قال الفراء : نزعت فطويت. وقال الزجاج : قلعت كما يقلع السقف.
وقال مقاتل : تكشف عمن فيها. ومعنى الكشط رفعك شيئا عن شيء قد غطاه كما يكشط الجلد عن السنام.
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) (١٢) ، قرأ أهل المدينة والشام وحفص عن عاصم (سُعِّرَتْ) بالتشديد ، وقرأ الباقون بالتخفيف أي أوقدت لأعداء الله.
(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) (١٣) ، قربت لأولياء الله.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢))
(عَلِمَتْ) ، عند ذلك كل (نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) ، من خير أو شر ، وهذا جواب لقوله : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١) وما بعدها.
قوله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦) ، ولا زائدة معناه : أقسم بالخنس ، قال
__________________
(١) في المطبوع «ما ذكره بقوله».
(٢) في المخطوط «جبذته».