إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلّم بن الحجاج حدثني محمد بن سلمة المرادي ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا يونس حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ، ينزل الله تعالى الغيث فيقولون : مطرنا بكوكب كذا وكذا».
قوله عزوجل : (فَلَوْ لا) ، فهلا ، (إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) ، أي بلغت النفس الحلقوم عند الموت.
(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) (٨٤) ، يريد وأنتم يا أهل الميت تنظرون إليه متى تخرج نفسه. وقيل : معنى قوله تنظرون أي إلى أمري وسلطاني لا يمكنكم الدفع ولا تملكون شيئا.
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢))
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) ، بالعلم والقدرة والرؤية. وقيل : ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم ، (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) ، الذين حضروه.
(فَلَوْ لا) ، فهلا (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) ، مملوكين ، وقال أكثرهم ، محاسبين ومجزيين.
(تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٨٧) ، أي تردون نفس هذا الميت إلى جسده بعد ما بلغت الحلقوم فأجاب عن قوله : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) (٨٣) ، وعن قوله (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) (٨٦) بجواب واحد ، ومثله قوله عزوجل : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) [البقرة : ٣٨] أجيبا بجواب واحد ، معناه إن كان الأمر كما تقولون أنه لا بعث ولا حساب ولا إله يجازي فهلا تردون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم ، وإذ لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله عزوجل فآمنوا به ، ثم ذكر (١) طبقات الخلق عند الموت وبين درجاتهم فقال.
(فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (٨٨) ، وهم السابقون.
(فَرَوْحٌ) قرأ يعقوب (فَرَوْحٌ) ، بضم الراء والباقون بفتحها فمن قرأ بالضم ، قال الحسن معناه : تخرج روحه في الريحان ، وقال قتادة : الروح الرحمة أي له الرحمة ، وقيل : معناه فحياة وبقاء لهم.
ومن قرأ بالفتح معناه فله روح وهو الراحة ، وهو قول مجاهد. وقال سعيد بن جبير : فرح. وقال الضحاك : مغفرة ورحمة. (وَرَيْحانٌ) ، استراحة ، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : رزق. وقال مقاتل : هو الرزق بلسان حمير ، يقال خرجت أطلب ريحان الله أي رزق الله. وقال آخرون : هو الريحان الذي يشم قال أبو العالية : لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه. (وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ، قال أبو بكر الوراق : الروح النجاة من النار والريحان دخول دار القرار.
(وَأَمَّا إِنْ كانَ) المتوفى ، (مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) (٩١) ، أي سلامة لك يا محمد منهم فلا تهتم لهم فإنهم سلموا من عذاب الله أو أنك ترى فيهم ما تحب من السلامة. قال مقاتل : هو أن الله تعالى يتجاوز عن سيئاتهم ويقبل حسناتهم.
وقال الفراء وغيره : فسلام لك إنهم من أصحاب اليمين ، أو يقال لصاحب اليمين : سلام لك إنك
__________________
(١) في المطبوع «تذكر» والمثبت عن المخطوط.