وروى عطية عن ابن عباس : الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب.
وعن عبد الله بن الزبير قال : الشفع يوم النفر الأول والوتر يوم النفر الأخير.
روي أن رجلا سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر ، فقال : أما الشفع والوتر فقول الله عزوجل : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٢٠٣] فهما الشفع والوتر ، وأما الليالي العشر فالثمان وعرفة النحر.
وقال مقاتل بن حيان : الشفع الأيام والليالي والوتر اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة.
وقال الحسين بن الفضل : الشفع درجات الجنة لأنها ثمان ، والوتر دركات النار لأنها سبع ، كأنه أقسم بالجنة والنار ، وسئل أبو بكر الوراق عن الشفع والوتر فقال : الشفع تضاد أوصاف المخلوقين من العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والبصر والعمى ، والحياة والموت ، والوتر انفراد صفات الله عزّ بلا ذلّ ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف. وعلم بلا جهل ، وحياة بلا موت.
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤) هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨))
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (٤) ، أي إذا سار وذهب كما قال : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) (٣٣) [المدثر : ٣٣] ، وقال قتادة : إذا جاء وأقبل وأراد كل ليلة. وقال مجاهد وعكرمة والكلبي : هي ليلة المزدلفة ، قرأ أهل الحجاز والبصرة يسري بالياء في الوصل ويقف ابن كثير ويعقوب بالياء أيضا ، والباقون يحذفونها في الحالين ، فمن (١) حذف فلوفاق رءوس الآي ، ومن أثبت فلأنها لام الفعل ، والفعل لا يحذف منه في الوقف. نحو قوله : هو يقضي وأنا أقضي ، وسئل الأخفش عن العلة في سقوط الياء ، فقال : الليل لا يسري ولكن يسرى فيه ، فهو مصروف فلما صرفه بخسه حقه من الإعراب ، كقوله : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم : ٢٨] ، ولم يقل بغية لأنها صرفت (٢) من باغية.
(هَلْ فِي ذلِكَ) أي فيما ذكرت ، (قَسَمٌ) ، أي مقنع ومكتفى في القسم ، (لِذِي حِجْرٍ) ، لذي عقل سمي بذلك لأنه يحجر صاحبه عمالا يحل ولا ينبغي ، كما يسمى عقلا لأنه يعقله عن القبائح ، ونهى لأنه ينهى عما لا ينبغي ، وأصل الحجر المنع وجواب القسم قوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٤) [الفجر : ١٤] ، واعترض بين القسم وجوابه قوله عزوجل :
(أَلَمْ تَرَ) ، قال الفراء : ألم تخبر. وقال الزجاج : ألم تعلم ومعناه التعجب. (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ
__________________
ـ وإسناده ضعيف فيه راو لم يسم ، ومع ذلك صححه الحاكم! ووافقه الذهبي! ـ وأخرجه الطبري ٣٧٠٩٧ عن عمران بن عصام بن عمران بن حصين به وإسناده منقطع ، حيث سقط منه الرجل المجهول.
ـ وورد موقوفا على عمران ، أخرجه عبد الرزاق ٣٥٩٧ والطبري ٣٧٠٩٤ و ٣٧٠٩٥ وإسناده على شرط البخاري ومسلم ، وهو الصحيح ، ورجح ابن كثير ٤ / ٥٤١ الوقف ، وانظر «الجامع لأحكام القرآن» ٦٣٢٠ و «فتح القدير» ٢٧٠٩ بتخريجي.
(١) في المطبوع «عن».
(٢) في المطبوع «لأنه صرف».