(وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣) ، يعني ومن خلق ، وقيل : هي (ما) المصدرية أي وخلق الذكر والأنثى.
قال مقاتل والكلبي : يعني آدم وحواء وفي قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء والذكر والأنثى جواب القسم.
قوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤) ، إن أعمالكم لمختلفة فساع في فكاك نفسه وساع في عطبها.
[٢٣٤٦] روى أبو مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها».
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) ، ماله في سبيل الله ، (وَاتَّقى) ، ربه.
(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠))
(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) (٦) ، قال أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك : وصدّق بلا إله إلا الله ، هي رواية عطية عن ابن عباس. وقال مجاهد : بالجنة دليله قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) [يونس : ٢٦] يعني الجنة. وقيل : صدّق بالحسنى أي بالخلف ، أي أيقن أن الله تعالى سيخلفه. وهي رواية عكرمة عن ابن عباس. وقال قتادة ومقاتل والكلبي : بموعود الله عزوجل الذي وعده أن يفي به.
(فَسَنُيَسِّرُهُ) ، فسنهيئه في الدنيا ، (لِلْعُسْرى) ، أي للخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله عزوجل :
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) ، بالنفقة في الخير ، (وَاسْتَغْنى) ، عن ثواب الله فلم يرغب فيه.
(وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) ، سنهيئه للشر بأن نجزيه على يديه حتى يعمل بما لا يرضى الله ، فيستوجب به النار. قال مقاتل : نعسر عليه أن يأتي خيرا.
[٢٣٤٧] وروينا عن علي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من نفس منفوسة إلا قد كتب مكانها في الجنة أو النار» ، فقال رجل : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال : «لا ولكن اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل الشقاء فييسرون لعمل أهل الشقاء ، وأما أهل السعادة فسييسرون لعمل أهل السعادة» ، ثم تلا : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨).
قيل : نزلت في أبي بكر الصديق اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشر أواق ، فأعتقه فأنزل الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) ، إلى قوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤) يعني سعي أبي بكر وأمية.
__________________
[٢٣٤٦] ـ صحيح. وهو قطعة من حديث ، وصدره «الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ...».
ـ أخرجه مسلم ٢٢٣ والترمذي ٣٥١٧ والنسائي في «عمل اليوم والليلة» ١٦٨ وأحمد ٥ / ٣٤٢ و ٣٤٢ من طرق عن أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري.
ـ وأخرجه ابن حبان ٨٤٤ من طريق معاوية بن سلّام عن زيد بن سلّام بالإسناد المذكور.
ـ وتقدم مسندا.
[٢٣٤٧] ـ تقدم في سورة هود عند آية : ١٠٥.