(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨))
ثم استثنى فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) ، فإنهم لا يردون إلى النار. ومن قال بالقول الأول قال : رددناه أسفل سافلين ، فزالت عقولهم وانقطعت أعمالهم ، فلا يكتب لهم حسنة (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، فإنه يكتب لهم بعد الهرم ، والخرف ، مثل الذي كانوا يعملون في حال الشباب والصحة. وقال ابن عباس : هم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى عذرهم ، فأخبر (١) أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم. قال عكرمة : لم يضر هذا الشيخ كبره إذ ختم الله له بأحسن ما كان يعمل.
وروى عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال : إلا الذين آمنوا قرءوا القرآن ، وقال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر. (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ، غير مقطوع لأنه يكتب له كصالح ما كان يعمل. قال الضحاك : أجر بغير عمل ، ثم قال : إلزاما للحجة.
(فَما يُكَذِّبُكَ) ، أيها الإنسان ، (بَعْدُ) ، أي بعد هذه الحجة والبرهان ، (بِالدِّينِ) ، بالحساب والجزاء والمعنى ، أن لا تتفكر في صورتك وشبابك وهرمك فتعتبر وتقول إن الذي فعل ذلك قادر على أن يبعثني ويحاسبني ، فما الذي يكذبك بالمجازاة بعد هذه الحجج.
(أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) (٨) ، بأقضى القاضين ، قال مقاتل : يحكم بينك وبين أهل التكذيب يا محمد.
[٢٣٦٧] وروينا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها : أليس الله بأحكم الحاكمين ، فليقل : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين».
[٢٣٦٨] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل أنا أبو الوليد ثنا شعبة عن عدي قال : سمعت البراء قال : إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان في سفر فقرأ
__________________
[٢٣٦٧] ـ تقدم في سورة القيامة عند آية : ٤٠.
[٢٣٦٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ أبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ، شعبة هو ابن الحجاج ، عدي هو ابن ثابت.
ـ وهو في «شرح السنة» ٥٩٩ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٧٦٧ عن أبي الوليد بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٤٩٥٢ ومسلم ٤٦٤ وأبو داود ١٢٢١ والنسائي ٢ / ١٧٣ وأحمد ٤ / ٢٨٤ والطيالسي ٧٣٣ وعبد الرزاق ٢٧٠٦ وابن حبان ١٨٣٨ وأبو عوانة ٢ / ١٥٥ والبيهقي ٢ / ٢٩٣ من طرق عن شعبة به.
ـ وأخرجه مسلم ٤٦٤ ح ١٧٦ والترمذي ٣١٠ والنسائي ٢ / ١٧٣ وابن ماجه ٨٣٤ ومالك ١ / ٧٩ ـ ٨٠ والشافعي ١ / ٨٠ والحميدي ٧٢٦ وأحمد ٤ / ٢٨٦ وابن خزيمة ٥٢٢ والبيهقي ٢ / ٣٩٣ من طرق عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت به.
ـ وأخرجه البخاري ٧٦٩ و ٧٥٤٦ ومسلم ٤٦٤ ح ١٧٧ وابن ماجه ٨٣٥ وأحمد ٤ / ٣٠٢ و ٣٠٤ وأبو عوانة ٢ / ١٥٥ وابن خزيمة ٥٢٢ من طرق عن مسعر بن كدام عن عدي بن ثابت به.
(١) في المخطوط «فأخبرهم».