(فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) (٣) ، هي الخيل تغير بفرسانها على العدو عند الصباح ، هذا قول أكثر المفسرين. وقال القرظي : هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى ، والسنة أن لا تدفع حتى تصبح ، والإغارة سرعة السير ، ومنه قولهم : أشرق ثبير كيما نغير.
(فَأَثَرْنَ بِهِ) ، أي هيجن بمكان سيرها كناية عن غير مذكور لأن المعنى مفهوم ، (نَقْعاً) ، غبارا والنقع الغبار.
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١))
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥) ، أي دخلن به وسط جمع العدو ، وهم الكتيبة يقال : وسطت القوم بالتخفيف ، ووسطتهم بالتشديد وتوسطهم بالتشديد كلها بمعنى واحد. قال القرظي : هي الإبل توسط بالقوم يعني : جمع منى ، أقسم الله بهذه الأشياء.
(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٦). قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : لكنود لكفور جحود لنعم الله تعالى. قال الكلبي : هو بلسان مضر وربيعة الكفور ، وبلسان كندة وحضرموت العاصي.
وقال الحسن : هو الذي يعد المصائب وينسى النعم. وقال عطاء : هو الذي لا يعطي في النائبه مع قومه. وقال أبو عبيدة هو قليل الخير ، والأرض الكنود التي لا تنبت شيئا.
وقال الفضيل بن عياض : الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان [والشكور الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة](١).
(وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) (٧) ، قال أكثر المفسرين : وإن الله على كونه كنودا لشاهد. وقال ابن كيسان : الهاء راجعة إلى الإنسان أي إنه شاهد على نفسه بما يصنع.
(وَإِنَّهُ) ، يعني الإنسان ، (لِحُبِّ الْخَيْرِ) ، أي لحب المال ، (لَشَدِيدٌ) أي لبخيل ، أي إنه من أجل حب المال لبخيل. يقال للبخيل : شديد ومتشدد. وقيل : معناه وإنه لحب الخير لقوي أي شديد الحب للخير ، أي المال.
(أَفَلا يَعْلَمُ) ، هذا الإنسان ، (إِذا بُعْثِرَ) ، أثير وأخرج ، (ما فِي الْقُبُورِ) من الموتى.
(وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) (١٠) ، أي ميز وأبرز ما فيها من خير أو شر.
(إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ) ، جمع الكناية لأن الإنسان اسم الجنس ، (يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) ، عالم ، قال الزجاج : الله خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره ولكن المعنى أنه يجازيهم على كفرهم في ذلك اليوم.
__________________
٦٥٢ والقرطبي ٢٠ / ١٤٥.
(١) سقط من المخطوط.