بيضة أحدهم فيخرقها حتى يقع في دماغه ويخرق الفيل والدابة ويغيب الحجر في الأرض من شدة وقعه.
فعمد عبد المطلب فأخذ فأسا من فئوسهم فحفر حتى أعمق في الأرض حفرة فملاها من أموالهم من الذهب الأحمر والجوهر ، وحفر لصاحبه حفرة فملأها كذلك ، ثم قال لأبي مسعود : هات فاختر إن شئت حفرتي وإن شئت حفرتك ، وإن شئت فهما لك معا ، قال أبو مسعود : اختر لي على نفسك ، فقال عبد المطلب : إني لم آل أن أجعل أجود المتاع في حفرتي فهو لك ، وجلس كل واحد منهما على حفرته ، ونادى عبد المطلب في الناس فتراجعوا وأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به ذرعا ، وساد عبد المطلب بذلك قريشا وأعطته القيادة ، فلم يزل عبد المطلب وأبو مسعود في أهليهما في غنى من ذلك المال ، ودفع الله عن كعبته وبيته.
واختلفوا في تاريخ عام الفيل.
فقال مقاتل : كان قبل مولد النبي صلىاللهعليهوسلم بأربعين سنة.
وقال الكلبي : بثلاث وعشرين سنة.
والأكثرون على أنه كان في العام الذي ولد فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) (١)؟ قال مقاتل : كان معهم فيل واحد.
وقال الضحاك : كانت الفيلة ثمانية. وقيل : اثنى عشر سوى الفيل الأعظم ، وإنما وحد لأنه نسبهم إلى الفيل الأعظم. وقيل : لوفاق رءوس الآي.
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥))
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (٢) ، كيدهم يعني مكرهم وسعيهم في تخريب الكعبة. وقوله (فِي تَضْلِيلٍ) عماء أراد وأضلل كيدهم حتى لم يصلوا إلى الكعبة ، وإلى ما أرادوه بكيدهم. قال مقاتل : في خسارة. وقيل : في بطلان (١).
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) (٣) ، كثيرة متفرقة يتبع بعضها بعضا. وقيل : أقاطيع كالإبل المؤبلة.
قال أبو عبيد (٢) : أبابيل جماعات في تفرقة ، يقال : جاءت الخيل أبابيل من هاهنا وهاهنا. وقال الفراء : لا واحد لها من لفظها. وقيل : واحدها إبالة. وقال الكسائي : إني كنت أسمع النحويين يقولون واحدها أبول ، مثل عجول وعجاجيل. وقيل : واحدها من لفظها إبّيل.
قال ابن عباس : كانت طيرا لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب.
وقال عكرمة : لها رءوس كرءوس السباع. قال الربيع : لها أنياب كأنياب السباع. وقال سعيد بن جبير : [طير](٣) خضر لها مناقير صفر. وقال قتادة : طير سود جاءت من قبل البحر فوجا فوجا مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره لا تصيب شيئا إلا هشمته.
(تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) (٤) ، قال ابن عباس وابن مسعود : صاحت الطير ورمتهم بالحجارة
__________________
(١) تصحف في المطبوع «بلاطن».
(٢) في المطبوع «عبيده».
(٣) سقط من المطبوع.