أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢))
(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ) ، يوم القيامة ، (أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ) ، كاذبين ما كانوا مشركين ، (كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) ، في الدنيا ، (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) من أيمانهم الكاذبة ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ).
(اسْتَحْوَذَ) ، غلب واستولى ، (عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٢٠) ، الأسفلين أي هم في جملة من يلحقهم الذل في الدنيا والآخرة.
(كَتَبَ اللهُ) ، قضى الله قضاء ثابتا ، (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ، نظيره قوله : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) (١٧٢) [الصافات : ١٧١ و ١٧٢] ، قال الزجاج : غلبة الرسل على نوعين من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب ، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة.
قوله عزوجل : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ، الآية أخبر أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكافرين وأن من كان مؤمنا لا يوالي من كفر ، وإن كان من عشيرته.
قيل : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة وسيأتي في سورة الممتحنة ، إن شاء الله عزوجل.
[٢١٥٤] وروى مقاتل بن حيان عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قال : (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ) يعني أبا عبيدة بن الجراح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد أو أبناءهم ، يعني أبا بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز ، وقال : يا رسول الله دعني أكن في الرحلة الأولى ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «متعنا بنفسك يا أبا بكر».
(أَوْ إِخْوانَهُمْ) يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد (أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) يعني عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر ، وعليا وحمزة وعبيدة قتلوا يوم بدر عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة. (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) ، أثبت التصديق في قلوبهم فهي موقنة مخلصة. وقيل : حكم لهم بالإيمان فذكر القلوب لأنها موضعه. (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ، قواهم بنصر منه قال الحسن : سمي نصره إياهم روحا لأن أمرهم يحيا به. وقال السدي : يعني بالإيمان. وقال الربيع : يعني بالقرآن وحججه ، كما قال : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] ، وقيل : برحمة منه.
وقيل : أمدّهم بجبريل عليهالسلام. (وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
__________________
[٢١٥٤] ـ عزاه المصنف لمقاتل عن مرة به ، ولم أقف على إسناده إلى مقاتل ، ومقاتل روى مناكير ، وهو غير حجة ، فالخبر واه.