فقال : (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ، وهذا كما يقال : زيد ما زيد يراد زيد شديد.
(وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦))
(وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (٩) ، يعني أصحاب الشمال ، والعرب تسمي اليد اليسرى الشؤمى ، ومنه يسمى الشام واليمن لأن اليمن عن يمين الكعبة والشام عن شمالها ، وهم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار.
وقال ابن عباس : هم الذين كانوا على شمال آدم عند إخراج الذرية وقال الله لهم : هؤلاء في النار ولا أبالي ، وقال الضحاك : هم الذين يؤتون كتبهم بشمالهم. وقال الحسن : هم المشائيم على أنفسهم وكانت أعمارهم في المعاصي.
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (١٠) ، قال ابن عباس : السابقون إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة. وقال عكرمة : السابقون إلى الإسلام. قال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله قوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) [التوبة : ١٠٠] ، قال الربيع بن أنس : السابقون إلى إجابة الرسول صلىاللهعليهوسلم في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى. وقال مقاتل : إلى إجابة الأنبياء صلوات الله عليهم بالإيمان. وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : إلى الصلوات الخمس. وقال الضحاك : إلى الجهاد.
وقال سعيد بن جبير : هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر. قال الله تعالى : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [الحديد : ٢١] ، (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [آل عمران : ١٣٣] ثم أثنى عليهم فقال : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (٦١) [المؤمنون : ٦١] ، وقال ابن كيسان : والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه.
وروي عن كعب قال : هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة. وقيل : هم أولهم رواحا إلى المسجد وأولهم خروجا [في الجهاد](١) في سبيل الله. وقال القرظي : إلى كل خير.
(أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١١) ، من الله.
(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) (١٣) ، أي من الأمم الماضية من لدن آدم عليهالسلام إلى زمان نبينا صلىاللهعليهوسلم ، والثلة : الجماعة غير محصورة العدد.
(وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١٤) ، يعني من هذه الأمة ، قال الزجاج [هم](٢) الذين عاينوا جميع النبيين من لدن آدم عليه الصلاة والسلام وصدقوهم ، أكثر ممن عاين النبي صلىاللهعليهوسلم.
(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) (١٥) ، منسوجة كما توضن حلق الدرع فيدخل بعضها في بعض. قال المفسرون : هي مرمولة (٣) منسوجة بالذهب والجواهر. وقال الضحاك : موضونة مصفوفة.
(مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ) (١٦) ، لا ينظر بعضهم في قفا بعض.
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣))
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «موصولة» والمثبت عن المخطوط.