تثقون (١) به تدعونها عنده إذا جاء شيطانها دعا لها حتى تعلموا أنها قد عوفيت وتردونها صحيحة ، قالوا : ومن هو؟ قال برصيصا ، قالوا : وكيف لنا أن يجيبنا إلى هذا وهو أعظم شأنا من ذلك؟ قال : فانطلقوا فابنوا صومعة إلى جانب صومعته حتى تشرفوا عليه ، فإن قبلها وإلا فضعوها في صومعته ، ثم قولوا له هي أمانة عندك ، فاحتسب فيها ، قال : فانطلقوا إليه فسألوه فأبى عليهم ، فبنوا صومعة على ما أمرهم الأبيض ووضعوا الجارية في صومعته ، وقالوا هذه أختنا أمانة فاحتسب فيها ، ثم انصرفوا فلما انفتل برصيصا عن صلاته عاين الجارية وما بها من الحسن والجمال ، فوقعت في قلبه ودخل عليه أمر عظيم ، ثم أقبل في صلاته فجاءها الشيطان فخنقها فدعا برصيصا بتلك الدعوات فذهب عنها الشيطان ، ثم أقبل على صلاته فجاءها الشيطان فخنقها فدعا برصيصا بتلك الدعوات ، ثم أقبل على صلاته فجاءها الشيطان فخنقها ، وكانت تكشف عن نفسها ، فجاءه الشيطان وقال واقعها فستتوب بعد ذلك والله تعالى غفار للذنوب والخطايا ، فتدرك ما تريد من الأمر ، فلم يزل به حتى واقعها فلم يزل على ذلك يأتيها حتى حملت وظهر حملها ، فقال له الشيطان : ويحك يا برصيصا قد افتضحت فهل لك أن تقتلها وتتوب ، فإن سألوك فقل ذهب بها شيطانها فلم أقدر عليه ، فدخل فخنقها (٢) ثم انطلق بها [من صومعته](٣) فدفنها إلى جانب الجبل فجاء الشيطان وهو يدفنها ليلا فأخذ بطرف إزارها فبقي طرف [إزارها] خارجا من التراب ، ثم رجع برصيصا إلى صومعته فأقبل على صلاته إذ جاء إخوتها يتعاهدون أختهم وكانوا يجيئون في بعض الأيام يسألون عنها ويوصونه بها ، فقالوا : يا برصيصا ما فعلت أختنا؟ قال قد جاء شيطانها فذهب بها ولم أطقه فصدقوه وانصرفوا [من عنده](٤) ، فلما أمسوا وهم مكروبون جاء الشيطان إلى أكبرهم في منامه فقال ويحك إن برصيصا فعل بأختك كذا وكذا وإنه خاف منكم فقتلها ودفنها في موضع كذا وكذا فقال الأخ في نفسه : هذا حلم وهو من عمل الشيطان ، فإن برصيصا خير من ذلك ، قال فتتابع عليه ثلاث ليال فلم يكترث ،. فانطلق إلى الأوسط بمثل ذلك فقال الأوسط مثل ما قاله الأكبر فلم يخبر أحدا فانطلق إلى أصغرهم بمثل ذلك فقال أصغرهم لأخويه والله لقد رأيت كذا وكذا ، وقال الأوسط وأنا والله قد رأيت مثله ، وقال الأكبر وأنا رأيت مثله ، فانطلقوا إلى برصيصا وقالوا : يا برصيصا ما فعلت أختنا؟ قال : أليس قد أعلمتكم بحالها فكأنكم اتهمتموني ، فقالوا : والله لا نتهمك واستحيوا منه فانصرفوا فجاءهم الشيطان فقال : ويحكم إنها لمدفونة في موضع كذا وإن طرف إزارها خارج من التراب فانطلقوا فرأوا أختهم على ما رأوا في النوم ، فمشوا في مواليهم وغلمانهم ومعهم الفئوس والمساحي فهدموا صومعته وأنزلوه ثم كتفوه فانطلقوا به إلى الملك فأقر على نفسه ، وذلك أن الشيطان أتاه فقال تقتلها ثم تكابر يجتمع عليك أمران قتل ومكابرة اعترف ، فلما اعترف أمر الملك بقتله وصلبه على خشبة ، فلما صلب أتاه الأبيض فقال : يا برصيصا أتعرفني؟ قال : لا ، قال : أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات فاستجيب لك ويحك ما اتقيت الله في أمانتك خنت أهلها وإنك زعمت أنك أعبد بني إسرائيل ، أما استحييت ، فلم يزل يعيره ، ثم قال في آخر ذلك ألم يكفك ما صنعت حتى أقررت على نفسك وفضحت نفسك وفضحت أشباهك من الناس ، فإن مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك ، قال : فكيف أصنع قال تطيعني في خصلة واحدة حتى أنجيك مما أنت فيه فآخذ بأعينهم فأخرجك من مكانك؟ قال : وما هي قال تسجد لي ، قال ما أستطيع أفعل ، قال : افعل فسجد له فقال : يا برصيصا هذا الذي كنت أردت منك صارت
__________________
(١) في المطبوع «تنفعون».
(٢) في المطبوع «فقتلها».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.