أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) ، يقول إبراهيم لأبيه : ما أغنى عنك ولا أدفع عنك عذاب الله إن عصيته وأشركت به ، (رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا) ، يقوله إبراهيم ومن معه من المؤمنين ، (وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ، قال الزجاج : لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتتنوا.
وقال مجاهد لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك. (وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦) عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨))
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ) ، أي في إبراهيم ومن معه (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) ، هذا بدل من قوله لكم وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة ، (وَمَنْ يَتَوَلَ) ، يعرض عن الإيمان ويوال الكفار ، (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) ، عن خلقه ، (الْحَمِيدُ) ، إلى (١) أوليائه ، وأهل طاعته. قال مقاتل : فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين وأظهروا لهم العداوة والبراءة ، ويعلم الله شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل الله :
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ) ، أي من كفار مكة ، (مَوَدَّةً) ، ففعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم فصاروا لهم أولياء وإخوانا وخالطوهم وناكحوهم ، (وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، ثم رخص الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم فقال :
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ) ، أي لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم ، (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) ، تعدلوا فيهم بالإحسان والبر ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، قال ابن عباس : نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي صلىاللهعليهوسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدا ، فرخص الله في برهم.
[٢١٧٦] وقال عبد الله بن الزبير : نزلت في أسماء بنت أبي بكر وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا ضبابا وأقطا وسمنا وهي مشركة ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ولا تدخلي علي بيتي حتى أستأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله هذه الآية فأمرها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن تدخلها
__________________
[٢١٧٦] ـ صحيح دون ذكر نزول الآية.
ـ أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٨ / ١٩٨ وأحمد ٤ / ٤ والطبراني في «الكبير» كما في «المجمع» ٦٧٥٠ والحاكم ٢ / ٤٨٥ والطبري ٣٣٩٥٢ و ٣٣٩٥٣ والواحدي في «الأسباب» ٨١٣ من حديث عبد الله بن الزبير.
ـ صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي! مع أن في إسناده مصعب بن ثابت ضعفه أحمد وغيره ، ووثقه ابن حبان.
ـ قلت : هو غير حجة بما ينفرد به ، وقد تفرد بذكر نزول الآية.
ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ١١٤١١ وزاد نسبته للبزار وقال : وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان ، وضعفه جماعة ، وبقية رجاله رجال الصحيح.
ـ وأصل الحديث في الصحيحين دون نزول الآية ، وإنما ذكر الآية ابن عيينة من قوله ، وهو الصواب.
(١) في المطبوع «فولى» وفي المخطوط «إن».