(أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ، أمالها عن الحق ، يعني أنهم لما تركوا الحق بإيذاء نبيهم أمال الله قلوبهم عن الحق ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) ، قال الزجاج : يعني لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق.
(وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ، والألف فيه للمبالغة في الحمد ، وله وجهان : أحدهما أنه مبالغة من الفاعل أي الأنبياء كلهم حمادون لله عزوجل وهو أكثر حمدا لله من غيره (١) والثاني أنه مبالغة من المفعول أي الأنبياء كلهم محمودون لما فيهم من الخصال الحميدة وهو أكثر مبالغة (٢) وأجمع للفضائل والمحاسن التي يحمد بها (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ).
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤))
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٩).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ) ، قرأ ابن عامر تنجيكم بالتشديد والآخرون بالتخفيف ، (مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ، نزل هذا حين قالوا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عزوجل لعملناه ، وجعل ذلك بمنزلة التجارة لأنهم يربحون فيها رضا الله ونيل جنته والنجاة من النار [ثم بين تلك التجارة](٣) فقال :
(تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٢).
(وَأُخْرى تُحِبُّونَها) ، ولكم خصلة أخرى تحبونها في العاجل مع ثواب الآخرة وتلك الخصلة ، (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) ، قال الكلبي : هو النصر على قريش ، وفتح مكة. وقال عطاء : يريد فتح فارس والروم. (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) ، يا محمد بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة ثم حضهم على نصرة الدين وجهاد المخالفين.
فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) ، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو أنصارا بالتنوين لله بلام الإضافة ، وقرأ الآخرون (أَنْصارَ اللهِ) بالإضافة كقوله : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) ، (كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
__________________
(١) في المطبوع «غير».
(٢) في المطبوع «مناقب».
(٣) سقط من المطبوع.