أبو بكر بن أبي داود ، قال : محمد بن سعد ، قال : حدّثني أبي ، عن الحسين ، عن الحسن بن عطية ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) نسختها الآية التي تليها : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) الآية.
قلت : وهذا مقتضى قول أبي حنيفة ، أعني النسخ ، لأن المشهور عنه أنه لا يجوز للوصي الأخذ من مال اليتيم عند الحاجة على وجه القرض ، وإن أخذ ضمن. وقال قوم : لو أدركته ضرورة جاز له أكل الميتة ولا يأخذ من مال اليتيم شيئا (١).
ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) [النساء : ٧].
قد زعم بعض من قل عمله وعزب فهمه من المتكلمين في الناسخ والمنسوخ ؛ أن هذه الآية نزلت في إثبات نصيب النساء مطلقا من غير تحديد ، لأنهم كانوا لا يورثون النساء ، ثم نسخ ذلك بآية المواريث.
وهذا قول مردود في الغاية ، وإنما أثبتت هذه الآية ميراث النساء في الجملة وأثبتت آية المواريث مقداره ، ولا وجه للنسخ بحال.
ذكر الآية الثالثة :
قوله تعالى : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) اختلف العلماء في هذه الآية على قولين :
الأول : أنها محكمة فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن الناس يزعمون أن هذه الآية نسخت ، والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس به.
[١٠٢] (٢) ـ وأخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله البقال ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد الكاذي ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني أبي ، قال : ابنا يحيى بن آدم ، قال : ابنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) قال : هي محكمة وليست بمنسوخة. قال : وكان ابن عباس إذا ولي رضخ ، وإذا كان المال فيه قلة اعتذر إليهم وذلك القول المعروف.
__________________
(١) انظر «صفوة الراسخ» (ص ٧٢).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣ / ٨٧٤ / ٤٨٦٠).