ذكر الآية الرابعة :
قوله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) [المائدة : ١٣].
اختلف العلماء هل هذا منسوخ أم محكم ؛ على قولين :
الأول : أنه منسوخ ؛ قاله الأكثرون ، ولهم في ناسخه ثلاثة أقوال :
الأول : آية السيف.
[١٣٦] (١) ـ أخبرنا ابن ناصر قال : ابنا ابن أيوب ، قال : ابنا أبو علي بن شاذان ، قال : ابنا أبو بكر النجاد ، قال : ابنا أبو داود السجستاني ، قال : ابنا أحمد بن محمد ، قال : حدّثت عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (فَاعْفُ عَنْهُمْ) [آل عمران : ١٥٩] (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا) [التغابن : ١٤] ، ونحو هذا من القرآن نسخ كله بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].
والثاني : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [التوبة : ٢٩].
[١٣٧] (٢) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني أبي ، قال ابن عبد الرزاق ، قال : ابنا معمر ، عن قتادة (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) قال : نسختها قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ).
والثالث : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) [الأنفال : ٥٨].
والقول الثاني : أنه محكم ، قال بعض المفسرين : نزلت في قوم كان بينهم وبين النبي صلىاللهعليهوسلم عهد ، فغدروا وأرادوا قتل النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأظهره الله عليهم ، ثم أنزل هذه الآية ، ولم تنسخ (٣).
قال ابن جرير : يجوز أن يعفي عنهم في غدرة فعلوها ما لم ينصبوا حربا ، ولم يمتنعوا من أداء الجزية والإقرار بالصغار ، فلا يتوجه النسخ.
__________________
(١) أخرجه أبو عبيد في «ناسخه» (٣٥٥) والبيهقي في «سننه» (٩ / ١١).
من طريق : معاوية بن صالح به.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (١ / ١٨٥).
(٣) انظر «تفسير ابن جرير الطبري» (١٠ / ١٣٤).