ذكر الآية الخامسة :
قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا) [المائدة : ٣٣] هذه الآية محكمة عند الفقهاء.
واختلفوا هل هذه العقوبة على الترتيب أم على التخيير.
فمذهب أحمد بن حنبل في جماعة أنها على الترتيب ، وأنهم إذا قتلوا وأخذوا المال ، أو قتلوا ولم يأخذوا قتلوا وصلبوا وإن أخذوا المال ولم يقتلوا ، قطّعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن لم يأخذوا المال نفوا.
وقال مالك : الإمام مخير في إقامة أي الحدود شاء سواء قتلوا أم لم يقتلوا ، أخذوا المال أو لم يأخذوا.
وقد ذهب بعض مفسّري القرآن ممن لا فهم له ؛ أن هذه الآية منسوخة بالاستثناء بعدها ، وقد بينا فساد هذا القول في مواضع.
ذكر الآية السادسة :
قوله تعالى : (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) [المائدة : ٤٢].
اختلفوا في هذه الآية على قولين :
الأول : أنها منسوخة وذلك أن أهل الكتاب كانوا إذا ترافعوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم كان مخيرا إن شاء حكم بينهم وإن شاء أعرض عنهم ، ثم نسخ ذلك ، بقوله : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) [المائدة : ٤٨]. فلزمه الحكم وزال التخيير ، روى هذا المعنى أبو سليمان الدمشقي بأسانيده عن ابن عباس ، وعطاء ومجاهد ، وعكرمة ، والسدي ، وقد روى أيضا عن الزهري وعمر بن عبد العزيز.
[١٣٨] (١) ـ وقد أخبرنا ابن الحصين ، قال : ابنا أبو طالب بن غيلان ، قال : ابنا أبو بكر الشافعي ، قال : ابنا يحيى بن آدم ، عن الأشجعي ، عن سفيان ، عن السدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) قال : نسختها (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ).
[١٣٩] (٢) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله البقال ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد ، قال : ابنا
__________________
(١) أخرجه أبو عبيد (٢٤٤) من طريق : سفيان ، عن السّدّي ، عن عكرمة ، ولم يذكر ابن عباس.
وأخرجه النحاس (ص ١٢٣) من طريق ؛ سفيان به.
(٢) أخرجه أبو عبيد في «ناسخه» (٢٤٣).