غزوة تبوك فإنه كان قد فرض على الناس كافة النفير مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولهذا عاتب المخلّفين وجرت قصة الثلاثة الذين خلّفوا. وإن قلنا : إن الذين استنفروا حيّ من العرب معروف كما ذكرنا في التفسير عن ابن عباس ، فإنه قال : استنفر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه ، وأمسك عنهم المطر فكان عذابهم ، فإن أولئك وجب عليهم النفير حين استنفروا.
وقد ذهب إلى إحكام الآيتين ومنع النسخ جماعة منهم ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي ، وحكى القاضي أبو يعلى عن بعض العلماء أنهم قالوا : ليس هاهنا نسخ ، ومتى لم يقاوم أهل الثغور العدو ففرض على الناس النفير إليهم ، ومتى استغنوا عن إعانة من وراءهم ، عذر القاعدون عنهم (١).
ذكر الآية السادسة :
قوله تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) [التوبة : ٤١].
[١٦٧] (٢) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني أبي ، قال : بنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في براءة : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) وقال : (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) [التوبة : ٣٩] فنسخ هؤلاء الآيات ، (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) [التوبة : ١٢٢].
وقال السدي : نسخت بقوله : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى) [التوبة : ٩١]. واعلم : أنه متى حملت هذه الآية على ما حملنا عليه التي قبلها لم يتوجه نسخ.
ذكر الآية السابعة :
قوله تعالى : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ).
[١٦٨] (٣) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : بنا عمر بن عبيد الله ، قال : بنا ابن بشران ، قال : بنا إسحاق بن أحمد ، قال بنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني
__________________
(١) انظر «الإيضاح» (ص ٣١٦) و «جمال القراء» (٢ / ٧٢٤ ـ ٧٢٥).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٦ / ١٨٠٣ / ١٠٠٦٢) وأبو عبيد في «ناسخه» (٣٨٥). من طريق : حجاج به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٦ / ١٨٠٦ / ١٠٠٨١) من طريق : محمّد بن شعيب ؛ أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء ، ولم يذكر فيه ابن عباس.