قال ابن أبي داود : وحدّثنا محمد بن عثمان العجلي قال : حدّثنا أبو نعيم ، قال : حدّثنا سيف ، عن مجاهد قال : «إن الأحزاب كانت مثل البقرة أو أطول».
قال ابن داود : وحدّثنا عباد بن يعقوب قال : أخبرنا شريك ، عن عاصم ، عن زر ، قال : قال أبي بن كعب : كيف تقرأ سورة الأحزاب؟ قلت : سبعين أو إحدى وسبعين آية. قال : والذي أحلف به لقد نزلت على محمد صلىاللهعليهوسلم وإنها لتعادل البقرة أو تزيد عليها (١).
__________________
فالعجيب من تناقض صاحب «حقائق هامة»! كيف ادّعى ص ٣٢٨ من الكتاب أن أبا موسى الأشعري هو الذي انفرد بهذه الرواية ، مع أنه ذكر ص ٣٢٦ من روى هذا الحديث.
وجوابا على هذا أقول :
هذا الحديث يندرج تحت باب النسخ كما هو هنا في هذا الكتاب ، وكما قال علماء أهل السنة قاطبة. انظر «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (٣ / ٩٣ ـ ٩٤). حيث قال رحمهالله : «وهذا ضرب من النسخ ؛ فإن النسخ على ما نقله علماؤنا على ثلاثة أضرب : أحدها :
نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
والثاني : عكسه ؛ وهو : نسخ التلاوة وبقاء الحكم.
والثالث : نسخ الحكم والتلاوة ؛ وهو كرفع هاتين السورتين اللتين ذكرهما أبو موسى ، فإنهما رفع حكمهما وتلاوتهما. وهذا النحو من النسخ هو الذي ذكر الله تعالى حيث قال : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦] على قراءة من قرأ بضم النون وكسر السين. وكذلك قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [الأعلى : ٦ ، ٧]. وهاتان السورتان مما قد شاء الله تعالى أن ينسيه بعد أن أنزله وهذا لأن الله تعالى فعّال لما يريد ، قادر على ما يشاء ، إذ كل ذلك ممكن. ولا يتوهّم متوهّم من هذا وشبهه أن القرآن قد ضاع منه شيء ؛ فإن ذلك باطل ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩] وبأن إجماع الصحابة ومن بعدهم انعقد على أن القرآن الذي تعبّدنا بتلاوته وبأحكامه هو ما ثبت بين دفّتي المصحف من غير زيادة ولا نقصان ، كما قرّرناه في أصول الفقه» اه.
وانظر «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني (١١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣) و «البرهان في علوم القرآن» للزركشي (٢ / ١٦٨).
قلت : وممن قال بأن هذه الآية ـ أو هذا الحديث ـ يدخل في باب الناسخ والمنسوخ :
١ ـ أبو علي الطبرسي صاحب «مجمع البيان» حيث قال : «وقد جاءت أخبار كثيرة بأن أشياء كانت في القرآن ، فنسخ تلاوتها ، فمنها ما روي عن أبي موسى أنهم كانوا يقرءون : لو أن لابن آدم واديين من مال ...» «مجمع البيان» (١ / ٢٣٠) ـ ط. دار إحياء التراث ـ.
٢ ـ أبو جعفر الطوسي في تفسيره المسمى ب «التبيان في تفسير القرآن» حيث قال : «كانت أشياء من القرآن ، ونسخت تلاوتها ، ومنها : «لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب» اه. «التبيان» (١ / ٣٩٤) ـ مكتب الإعلام الإسلامي ـ إيران.
٣ ـ كمال الدين العتائقي الحلي في «الناسخ والمنسوخ» ص ٣٤ ـ ط. مؤسسة آل البيت ـ بيروت ـ حيث قال : «ما نسخ خطه وحكمه ، وهي : «لو أن لابن آدم واديين من فضة ...» اه.
(١) إسناده ضعيف. والخبر صحيح بالشواهد.